أكد الشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أنه لا يمكن الاعتماد على غير المسلمين لترجمة القرآن الكريم، لأن أخل الإسلام، حسبه، الأقرب إلى نقل دينهم إلى غيرهم، كما أن للقرآن لغته الخاصة مما يستوجب التصدي لترجمة معانيه في إطار جماعي من قبل علماء بارزين. الدكتور بوعمران، وفي الندوة الشهرية التي دأب المجلس على تنظيمها في الأحد الأخير من كل شهر، دعا إلى توسيع الترجمة مع المختصين إلى السيرة النبوية وتقديمها للغربيين بلغاتهم وبشكل صحيح حتى تكون صورة المسلم في العالم الغربي أبعد ما تكون عن النمطية والتشويه وحتى لا تكون الترجمة خديعة كما يقول الإيطاليون، وحتى يحدث التأثير السليم في غير المسلمين الذين يطلعون على ترجمات أخرى ناقصة ومشوهة ومحرفة. بوعمران اكتفى بالرد على طلب الأستاذ عبد الوهاب بن حمودة الذي دعا المجلس الإسلامي الأعلى إلى المبادرة بتشكيل لجنة خبراء لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية وترويجها في الجزائر للذين لا يحسنون العربية وفي الخارج على اعتبار أن الترجمة الوحيدة المتوفرة في المكتبات ومنذ أعوام هي ترجمة مالك شبال مع أنها ضعيفة لغويا وشرعيا. وكان رئيس المجلس قد وافق على طبع كتاب البروفيسور جمال أولمان وزوجته الدكتورة سمية والذي كتب مقدمته الشيخ محمد الصالح الصديق، وهو مشروع ضخم استهلك سبع سنوات من البحث المتواصل كما قال المحاضران، ويخص الجانب الأورطفوني وبثلاث لغات من أجل النطق السليم لألفاظ القرآن الكريم مع وضع المعنى الصحيح للكلمة بالتوسل بكتب المفسرين الأوائل وكذا المعاجم الكبرى المعتمدة. ولم يكتف البروفيسور أولمان والدكتورة سمية بذلك، بل بحثا في أصول الترجمات الأولى للفرآن الكريم في سياق الأحداث التاريخية الكبرى غي العالم طيلة القرون الخوالي، في محاولة للربط بينها وبين اتجاهات ترجمة الكتاب المقدس لدى المسلمين على اعتبار أن الحروب لا تجري فقط على المستوى العسكري مثلما يتصور البعض، بل تجري أيضا على المستوى السياسي والاقتصادي والديني والثقافي. ويمكن الوقوف على الأخطاء والتشويهات في ظل عداوة الكنيسة للإسلام و للنبي محمد مذاك التاريخ، وكيف أثرت في المترجمين للقرآن إلى اللاتينية كما فعل الراهب دي كليني ثم مارك الطليطلي عام 1210 ثم ماراتشي عام 1881 بأمر من البابا. إضافة إلى الترجمة المعروفة إلى الكتابة القديمة للغة الفرنسية من قبل دي فيغيار ثم في عهد فلاسفة التنوير، وتبقى أهم ترجمة وأقلها سوءا بتقدير البروفيسور سعيد شيبان الذي تدخل في النقاش هي ترجمة كازيمسكي لأنه كان يعرف العربية مع أنه من شرق أوروبا. ندوة المجلس الإسلامي الأعلى فتحت أفق السؤال الكبير حول واجب تحسين صورة المسلم لدى الآخر بعيدا عن عناد الهوية والأنا بتعبير المفكر الراحل إدوارد سعيد، وأثبتت أن ميزانيات عادية يمكن أن تنتج مشاريع ثقافية وفكرية جادة بدل الابتذال والبهرجة وتسطيح المعنى الذي يملأ المشهد العام.