يشكل ملف النازحين الأفارقة بالجزائر أحد أهم الملفات المعقدة التي تواجهها السلطات العمومية بالبلاد بالنظر إلى حساسيته ولتداعياته السلبية على التركيبة الاجتماعية وكذا على الصحة العمومية، خاصة وأنهم لا يحظون بالرعاية الطبية بالشكل المطلوب وهو الأمر الذي يشكل خطرا على صحة الجزائريين الذين أصبحوا في احتكاك يومي ومباشر معهم. تعد القطارات واحدة من محطات يوميات الجزائريين مع اللاجئين الأفارقة، خاصة على مستوى خط الضاحية الغربية الرابط بين الجزائر العاصمة والبليدة، على اعتبار أن هذا الأخير يعرف توافدا كبيرا للأفارقة الذين ينحدر غالبيتهم من مالي على خلفية الأزمة الأمنية التي تعيشها البلاد، حيث اتخذوا من مدينتي بوفاريك والعفرون ملاجئ لهم، ومنها يحملون الرحال نحو العاصمة للتسول، متخذين »القطارات وسيلة للتنقل وأبناءهم سبيلا لاستعطاف الناس«.واللافت في الآونة الأخيرة أن أعدادهم تزايدت بشكل كبير، فبعد أن كان الأمر يقتصر على نساء وصغارهم، أضحت القطارات تحمل عائلات بأكملها وهو الوضع الذي بعث القلق والتذمر لدى المسافرين، خاصة وأنه تفوح منهم رائحة غير عادية تشمئز منها النفوس، كما أنهم لا يبدون أي حرج في قضاء حاجاتهم البيولوجية بالمحطات وفي الهواء الطلق.»صوت الأحرار« عايشت يوميات بعض الجزائريين مع اللاجئين الأفارقة بقطار الضاحية »العفرون- آغا«، ونقلت بعض المشاهد التي تتكرر يوميا في هذا الشأن، حيث أنه بمجرد أن يصل القطار القادم من العفرون إلى محطة بوفاريك حتى »تطلق صفارات الإنذار وعبارات الاستهجان«، وكأنهم ضيوف غير مرحب بهم، فتراهم يتدافعون على أبواب القطار علهم يضفرون بمكان، إلا أن الرائحة الكريهة المنبعثة منهم تضطر الركاب إلى الابتعاد عنهم وترك »الجمل بما حمل«، فيما يجدها بعض المراهقين فرصة لترك العنان لمشاغباتهم من خلال الدخول في حوارات مع بعض هؤلاء الأفارقة سواء بالإشارات أو بلغة غير مفهومة من كلا الجانبين.ويواصل القطار سيره وتتواصل معه معاناة المسافرين الذين لا يجدون ما يفعلون غير مسك أنوفهم ومشاهدة تصرفات هؤلاء الأفارقة، حيث تتخذ النسوة »القاعة« مكانا للجلوس، فيما يرسلون أطفالهم الذين يحملون في أيدهم بعض الأواني للتسول مرددين عبارة »صدقة«..علهم يضفرون ببعض الدنانير. وما يلفت الانتباه أنهم ينزلون في جميع المحطات فور بلوغ القطار حدود الجزائر العاصمة بدءا بعين النعجة ثم جسر قسنطينة والحراش إلى أن يبلغوا محطة آغا وكأنهم يقتسمون مناطق التسول... وهنا يبدأ المسافرون في »تنفس الصعداء«.وفي ذات السياق عبر أحد المواطنين عن تذمره الشديد من هذه الظاهرة مطالبا السلطات العمومية بإيجاد حل لهؤلاء النازحين الذين انتشروا بأعداد كبيرة وأصبحوا يزاحمون المواطنين..، فيما تساءل آخر عن سر الصمت المطبق إزاء هذا الملف، حيث أبدى تخوفه من انتشار الأمراض وانتقال العدوى خاصة وأنهم أصبحوا في احتكاك مباشر معهم. من جانبه أكد أحد المسافرين أن »الأمر لا يتعلق بعنصرية تجاههم لأنهم مسلمون مثلنا ولا بإحساس غير إنساني، إلا أن الأمر يتعلق بسلوكيات غير سليمة تصدر منهم« وهو ما يبعث عن القلق حسب تعبيره. ومهما يكن الأمر فإن الحكومة مطالبة بالتكفل بملف اللاجئين الأفارقة بصفة عاجلة، سيما وأنهم أضحوا يشكلون خطرا على الصحة العمومية حسب ما عبر عنه الكثير من المواطنين. وهو ما ذهب إليه أيضا رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني وسعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري التي أكدت استعدادها التام للمساهمة بالتكفل بهذا الملف الإنساني.