ما عسى الإنسان أن يكتب على أمر فاق فيه العمل الوحشي كل الحدود، فقد فيه الجلاد كل معاني الإنسانية، ليس الأسمى فيها فحسب، إنما الأقل منها والأدنى. كيف لا تشعر أم، والأم أقرب إلى فلذات الأكباد، عجب أن لا تحس أم إسرائيلية لجنود مدججين بالسلاح بأم غزاوية لصبية مطاردين من أولئك الجنود يصطادونهم فراخا لم ينبت الريش بعد على أجسادهم وفراشات لم تكس جلودهم إيهابا، وأمهم المروعة في كل شيء تلهث باكية دامعة، وهي تنتقل بينهم تأخذ بيد هذا وتمسك بتلابيب ذاك وتلاحق آخر شاردا مذهولا مرعوبا من شدة هول القنابل المحيطة به المصوبة نحوه من اديم السماء وفجاج الأرض وسطح الماء وهو لا يعرف قصدها سوى أنها ستقضي عليه ستدمره وهو في عقر داره في حضن أمه وبين أخوته. أي ضمير لأي عالم يدون في سجله الأسود من تاريخه شهادة هو شاهد عليها أن دولة تمتلك القوة العسكرية الرابعة عالميا تهاجم مدينة ضعيفة محاصرة جغرافيا وسياسيا وعسكريا، تقتل وتروع وتشوه وترمل دون رقيب ولا حسيب ودون وازع أخلاقي أو رادع أممي. أوباما القوي أباح دماء أبناء فاتيكان أصدقائه العرب علانية وعلى المباشر، وهو يعطي الضوء الأخضر لناتينياهو بأحداث محرقة تبيد البشر تمحي المعالم تنتهك حرمة شعيرة رمضان الإسلامية، محرقة تزيل العرب الحماسيين من فلسطين بمبرر إبعاد الخطر من حدود دولة إسرائيل المدللة. لكن سكان غزة الأشاوس الذين يستمدون قوتهم من تسمية أرضهم زغزةس التي تعني القوة، لم يستكينوا تحت الضربات الموجعة القاصمة، وما وهنوا ولم يسهل عليهم الهوان ولو تحت هول القصف ، وأمام فقدان الماء والغذاء والكهرباء والدواء، وقد جمعوا لهم، عرب وأعراب يهود ونصارى، فجمعوا هم للناس يمينا كانوا ويسارى. ستة وستون عاما ومنذ وعد الصهيوني المسيحي بلفور جيمس ارثر الصادر في في 2 نوفمبر ,1917 الذي أعلنت فيه بريطانيا تعاطفها مع الأماني اليهودية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والذي كان عبارة على تصريح في شكل رسالة بعث بها اذاك اللورد بلفور الذي كان يشغل وزير خارجية بريطانيا، حينئذ إلى اللورد روتشيلد المليونير اليهودي الذي زرع أبناءه الخمسة على أهم دول العالم آنذاك انجلترافرنساايطالياألمانياالنمسا ووضع قواعد صارمة لضمان ترابط العائلة وأوصاهم بالسيطرة على قراراتها المالية ماليا من خلال ممارسة التجارة وعمل السمسرة، وصناعة الأسلحة والسفن والأدوية مما أدى إلى استعمار الهند شرقها وغربها من طرف تلك الشرك العائلية العملاقة ،دخل فيما بعد الوعد الجائر صك الانتداب البريطاني على فلسطين التي كانت نسبة العرب فيها 93 ساكنة وملكية للأرض، وبذلك تحقق الهدف الامبريالي الثلاثي بزرع الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1939 الذي أدى فيما بعد إلى اغتصاب وطن وتشريد شعب. لم يثبت في التاريخ العربي الحديث أن شعبا قاوم وبمرارة المحتل الأجنبي لمدة أطول بعد الشعب الجزائري 1830 1962 غير الشعب الفلسطيني منذ 1948 الذي ظل يناضل في سبيل الحرية والاستقلال ضد الغزاة وضد مواقف حلفاء من زرعوا من العرب الجسم الصهيوني الغريب. أما والحديث اليوم عن جزء ضئيل من فلسطين مجزأ مذهبيا إلى قسمين أقل ضآلة، يغتال الواحد بشهادة الثاني وعلى مرأى ومسمع منه لينقض الصهاينة على ما تبقى من الباقي الصغير، ولتبقى إسرائيل دولة بلا حدود لتوسع أطماعها دون حدود إلى باقي الدول العربية المجاورة التي لم ولن ترسم معها لنفس الغرض حدودا حتى تلتهم منها ما تريد من الحدود. غزة إذا كان العرب في الشام قد احتجوا بقوة على وجود صاحب الوعد السيئ الذكر بلفور وهو يحضر لتدشين افتتاح الجامعة العبرية عام ,1925 مما دفع القوات الفرلانسية اضطرارا إلى إخراجه من المنطقة تحت الحراسة المشددة، فإن الشعوب العربية المغلوبة على أمرها اليوم والتي جلها في حروب دموية أهلية لا تبق ولا تذر، بالرغم من أنها احتجت وتظاهرت ضد تدمير غزة وتحطيمها بل إنهائها بشرا وبنى تحتية، فإنها عاجزة أن تخرج نملة من أرض فلسطينالمحتلة.... معذرة بعد هذه الأسطر، وبعد الدعاء لك بالصمود، وما ضاع حق وراءه طالب يا غزة..!؟