اعترف التقرير السنوي لبنك الجزائر المنتظر أن يعرضه اليوم محافظ البنك على نواب الغرفة السفلى للبرلمان، بتأثر الاقتصاد الوطني بتراجع مستوى أسعار المحروقات بداية من نهاية الثلاثي الأخير من 2008، لكنه سجّل بالمقابل ما أسماه درجة المقاومة المالية الخارجية التي سمحت بمواجهة مخاطر وأضرار »الصدمة الفجائية«، مشيرا إلى ضرورة تجاوز هاجس الاعتماد فقط على الإيرادات البترولية. جاء في مضمون تقرير محافظ بنك الجزائر الكثير من الأرقام حول الوضعية المالية لسنة 2008 بالإضافة إلى مؤشرات نخصّ تقييم مستوى أداءات القطاع المصرفي وكذا الاقتصاد الوطني موازاة مع التداعيات الحادة التي عرفها الاقتصاد العالمي بسبب الأزمة المالية، ولكن على العموم فإن التقرير أورد في هذا السياق بأن الاتجاهات الرئيسية النقدية التي ميّزت الاقتصاد الوطني خلال سنة 2008 تكشف عن درجة المقاومة التي أبدتها الوضعية المالية الخارجية للجزائر، مبرّرا ذلك بأنه تم تحقيق أداءات مالية لم يتوان في وصفها ب »التاريخية«. وأكد تقرير محمد لكصاسي الذي سيشكل اليوم المحور الأساسي لأشغال الجلسة العلنية للمجلس الشعبي الوطني، أن الجزائر سجلت خلال 2008 فائضا في الحساب الجاري الخارجي فاق 20 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي مقابل نسبة ضعيفة لخدمة الدين الخارجي قدّرها بحوالي قيمة 1 بالمائة ناتجة عن صادرات السلع والخدمات مما سمح للاقتصاد بإظهار مقاومة أمام الأزمة المالية الدولية الخطيرة، كما أشار كذلك إلى أن الخزينة العمومية حققت بدورها فائضا إجماليا نهائيا يساوي 8.2 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي. إلى ذلك واصل التقرير السنوي لمحافظ بنك الجزائر تقييمه بشأن مستوى أداء الاقتصاد الوطني قياسا بالأزمة المالية العالمية، لافتا إلى أنه حتى وإن كانت الجزائر لم تتعرض إلى الصدمة الخارجية المسماة »الصدمة الفجائية« فإن الاقتصاد الوطني تأثر بنوع آخر من الصدمة الخارجية ترتبط بالركود المتزامن على مستوى الدول المصنعة والأزمة الاقتصادية الخطيرة لهذه السنة، معتبرا أن هذه الملاحظة تم تسجيلها خاصة بعد سقوط أسعار المحروقات وانخفاض إيرادات الصادرات في الثلاثي الأخير من 2008، أي أن آثار الأزمة المالية انتقلت إلى الاقتصاد الوطني قياسا بمستوى أسعار المحروقات التي تقلصت بحوالي 52 بالمائة. وفي وقت أعاب فيه التقرير الركود الحاصل في قطاع المحروقات الذي سجل سنته الثالثة على التوالي من انخفاض القيمة المضافة وما رافقه من حصيلة سلبية لقطاع الفلاحة، فقد تحدّث من جهة أخرى عن نمو إيجابي في الناتج الداخلي بفضل ما أسماه »حيوية قطاعات البناء والأشغال العمومية والصناعة والخدمات«، وزيادة على ذلك سجل النمو خارج المحروقات حسب بنك الجزائر نموا ب 6 بالمائة نتيجة برنامج الاستثمارات العمومية بينما بقي التضخّم تحت السيطرة وتوقف عن سقف 4.4 بالمائة. واستنادا إلى بعض الأرقام التي تضمّنها تقرير لكصاسي فقد بلغت نسبة الإيرادات خارج المحروقات عند نهاية السداسي الأول من العام الجاري أكثر من 723 مليار دينار وهو ما يعني زيادة تزيد عن 28 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وتشكل الإيرادات الضريبية 88 بالمائة منها إجمالي هذه القيمة، في حين وصل رصيد الخزينة 228 مليار دينار. أما فيما يخص نشاط المصارف فقد أشار بنك الجزائر إلى أن الودائع الملتقطة انخفضت من بالنصف لتصل إلى 14 بالمائة، وقد بلغت ودائع سوناطراك 1301.6 مليار دينار مع نهاية 2008 مقابل 1261.2 في 2007، كما بقيت وضعية المصارف العمومية مستقرة ولم تنعكس الأزمة المالية العالمية بشكل مباشر على القطاع المصرفي، في حين تبقى القروض الممنوحة للمؤسسات الخاصة والأسر أكثر أهمية بنسبة 54 بالمائة من تلك الموزعة للمؤسسات العمومية التي تمثل 46 بالمائة فيما نمت القروض الرهنية في 2008 بنسبة تفوق 16 بالمائة بالغة 127 مليار دينار.