رد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، على المشككين في مصير تعديل الدستور الذي بادر به، بالتأكيد على جدية هذا المسعى الذي شدد على أنه يحتاج إلى التريث من أجل تجنيب البلاد أي مغامرة قد تجرها إلى المآسي. دافع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، عن المسعى الذي بادر به للخروج بدستور توافقي من خلال فتح باب المشاورات أمام جميع شرائح المجتمع، ورد في رسالة وجهها أمس للمشاركين في مؤتمر »التطورات في مجال القانون الدستوري في إفريقيا«، على الأطراف التي انتقدت ما أسمته التأخر في صياغة الدستور وشككت في مصيره، بالتأكيد على دراسة كافة الأفكار والمقترحات التي تم تقديمها من طرف جميع المشاركين في المشاورات الأخيرة حول تعديل منظومة القوانين بالبلاد، وجاء في الرسالة التي قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي، أن »الجزائر تستعد لتعديل دستورها وهي تحضر لذلك بجدية وكلها دراية بنضج الأفكار التي أفرزتها المشاورات الواسعة التي نظمت لهذا الغرض، من خلال إشراك كافة شرائح المجتمع والوصول إلى توافق حول المسائل الجوهرية وضمان فعالية حقيقية للأحكام الدستورية الجديدة«. وفيما يتعلق بتاريخ تعديل الدستور، شدد القاضي الأول بالبلاد على ضرورة التريث وعدم التسرع، حين قال »أسهر على وجه الخصوص على تفادي التسرع والتقليد والارتجال، فالجزائر التي عانت الأمرين من ويلات الإرهاب ترفض أية مغامرة من هذا القبيل التي غالبا ما تخلف مآسي والتي يرفضها مجتمعنا جملة وتفصيلا«، كما اوضح أن الهدف من إشراك مختلف أطياف المجتمع في مشاورات الدستور يكمن في »تسهيل مسار انفتاح المجتمع الجزائري ومرافقته مع العمل على حفظ استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تعرفها مختلف دول عالمنا في زمن التحولات العميقة التي يشهدها«. إلى ذلك، أكد رئيس الجمهورية أن التعديلات الدستورية التي باشرتها الجزائر منذ بداية التسعينيات حتى 2008 تعكس إرادتها في تكييف القانون الأسمى للبلاد مع تطور المجتمع والتسلح بالأداة القانونية اللازمة الغاية منها الاستجابة بالشكل الأمثل للمتطلبات التي تمليها العلاقات الدولية التي مسها التطور وكانت محل تجديد بشكل لم يسبق له مثيل، مذكرا بما حققته الجزائر في الجانب التشريعي، حين قال إنها شهدت »قفزة نوعية من الدرجة الأولى بالمصادقة على مجموع القوانين الهادفة أساسا إلى تحسين العمل الانتخابي وتوسيع التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة دعما لدور المرأة ومكانتها، وتنظيم نشاط الأحزاب والجمعيات وتقنين المجال الإعلامي«، وذلك، »إيمانا منها بأن هذا الخيار يندرج ضمن رؤيتها الشاملة الرامية إلى تعزيز الأسس المؤسساتية للدولة وتمكين المجتمع من التحكم في مقاليد العصرنة«. وعلى الصعيد الإفريقي، أكد بوتفليقة أن الجزائر لن تدخر جهدا من أجل العمل على إحلال السلم وفض النزاعات، سواء في مالي أو في ليبيا أو في أي مكان آخر من إفريقيا، مبرزا بأن هذه الجهود »تعبير منا على التزامنا الثابت تجاه قارتنا«، كما أشاد في هذا الجانب بالخطوات الكبيرة التي قطعها الأشقاء الأفارقة في مجال القضاء الدستوري التي قال إنها » تنم عن حسن اختيار الآلية التي تساعدهم بما يتماشى وخصوصياتهم من جهة والقيم العالمية من جهة أخرى سعيا إلى ترسيخ مبادئ دولة القانون وقبول سمو الدستور فوق كل اعتبار«. وعاد الرئيس في رسالته إلى المؤتمر الذي قال إنه يأتي »في ظرف عالمي يسوده الاضطراب وتجري فيه تحولات عميقة في إفريقيا على العموم والعالم العربي الإسلامي على الخصوص تميزها ظروف صعبة وقاسية تنعكس آثارها على شعوبها بصفة خاصة«، مذكرا بأن معظم البلدان الإفريقية استوعبت تدريجيا المفاهيم الجديدة للقانون الدستوري ثم أثرته مع مرور الوقت، بتخصصات عديدة، من خلال »إنشاء عدالة دستورية تولتها هيئات أوكل لها اختصاص فض النزاع الدستوري مما أفرز ثروة اجتهادية كبيرة رسخت لمبادئ دستورية قيمة وأقرت بشكل واسع للحريات والحقوق الأساسية، ومبادئ الحكم الراشد، وكرست مبدأ الفصل بين السلطات, وأسس الرقابة البرلمانية«.