قال العديد من الجزائريين، أن ثورة نوفمبر المجيدة كانت انطلاقة جديدة في كفاح الشعب الجزائري لنيل الاستقلال وقهر الاستعمار الفرنسي وطرده من أرض الوطن، مؤكدين ضرورة كتابة هذا التاريخ من أجل الكشف عن حقائق واضحة وجلية وتدوينها، مطالبين بإخراج الجزء الأكبر من تاريخنا من دهاليز مراكز الأرشيف وعدم تركه للمتآمرين على الوطن للتلاعب به والعمل على التصدي لكل الإهانات الجارحة لهذه الثورة التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد. كثر الحديث والكلام عن الثورة الجزائرية وجاء المد والجزر فيها لدرجة أن تأخذ منحنى آخر ومغاير تماما، وصل الأمر حد القول بأن ثورة نوفمبر كانت ثورة تعج بالخونة والمجاهدين المزيفين، وراح بعض المؤرخين الفرنسيين يفتعلون قصصا تاريخية وهمية من أجل الطعن في هذه الثورة التي أجبرتهم على الرحيل وترك مالا ملكوه بالقوة، وتأتي تصريحات أخرى لحكوميين فرنسيين لتتلاعب بمشاعر الأمة واستفزاز الملايين من الجزائريين بتمجيدها لخونة الوطن » الحركى « وإظهارهم للواجهة. في ظل هذه التطورات وبعيدا عن ما نسمعه في خطابات وتصريحات رسمية وبعيدا عن بطولات وتضحيات شهداء الثورة التحريرية قراناها في الكتب، نقترب اليوم قليلا لنستمع لآراء جزائريين لم تسنح لهم الفرصة للتعبير عن ذكرى 55 لانطلاق أول رصاصة أعلنت بداية نهاية حقبة استعمارية فاقت القرن، ورد على ما يقال هنا وهناك عن هذه الثورة المجيدة، فنزل » طاقم صوت الأحرار« إلى الشارع يسبقنا سؤال عن المعنى الذي تحمله مبادئ هذه الذكرى عند جيل اليوم. في الوهلة الأولى اقتربت من الشباب بصورة عشوائية حتى ارصد مختلف الآراء والأحلام الكامنة في نفوسهم فرفض بعضهم التعليق على السؤال لعدم إدراكه لأهميته، فيما أصر آخرون على قول كلمتهم في ثورة قيل فيها وعنها الكثير، ثورة تراوحت كفتها بين التفرد والتميز في كل شيء، إذ لم يدفع أي شعب من قبل، وفي فترة سبع سنوات، أكثر من مليون ونصف مليون شهيد. أحمد» 35 سنة « هو احد أبناء هذا الوطن، من عائلة ثورية قال إن جده راح شهيد للوطن، كان جد متحمس للحديث معنا والإجابة على سؤالنا، ليقول « إن ثورة نوفمبر المجيدة هي رمز من رموز الإستقلال ضحى أبنائها بكل ما لديهم من مال ونفيس من أجل أن تحيا الجزائر وطرد الاستعمار الغشيم، وأنا فخور بهذه الثورة التي هزت العالم وضاع صيتها باعتبارها ثورة المعجزات«ليضيف وهو يتكلم بكل حماس وغضب « علينا الحفاظ على البلد الذي ضحى من أجله مليون ونصف مليون شهيد ونرفع شعار لا للخونة لا لتدنيس العلم لا للدخلاء«. لم يختلف رأي عمي شعبان » 50 سنة «كثيرا عن احمد فهو يرى أن هذه الثورة عظيمة إذ اتخذ الشعب الجزائري يوم أول نوفمبر قرارا لا رجعة فيه من أجل وضع حد للظلم، وهو اليوم الذي عبر فيه الجزائريون عن سخطهم للجرائم التي كانت تتركب من طرف المستعمر، وبعد سبع سنوات من المقاومة احتفلت الجزائر باستقلالها ليكون تتويجا لهذه الرحلة القاسية الطويلة بيوم الاستقلال.. والحرية«. ومن جهتها تقول سهام »29 سنة « عاملة بالمكتبة عن هذه الثورة المجيدة بتعبيرها البارز والحاد والمنطقي أن تاريخ الثورة الجزائرية كان بداية لزمن معين عرف فيه الجزائر عدة تضحيات من الشعب الجزائري، لتعود بالقول إن الأجدر للحديث عليه اليوم هو ما آل إليه تاريخ هذه الثورة الذي أصبح يختفي شيئا فشيئا، ليدخل دهاليز الذاكرة « مشيرة إلى الانعدام والنقص كبير في كتب الثورة الجزائرية ومذكرات مجاهدينا من أجل توعية هذا الجيل الذي يعاني من فراغ معرفي رهيب، لقد أصبحت هذه الذكرى عندنا مرتبطة بسيناريوهات لأفلام قديمة عن الثورة وبمجموعة من الأغاني التي تشيد بالثورة لا أكثر«. وابتعد كلام رشيد طالب بكلية العلوم السياسية والإعلام » 24 سنة«، قليلا عن ما تحدث عنه الآخرون، ليرى أن الثورة التحريرية عنده لا تعدو أن تكون مناسبة لتكريم المجاهدين، وإقامة الاحتفالات وتقديم الأغاني وعرض أفلام تاريخية أكلها الظهر على شاشة التلفزيون « لقد كانت هناك تصرفات خفية في خضم هذه الثورة، ليطالب في هذا الصدد بضرورة الكشف عن العديد من الحقائق وتدوينها عبر التاريخ، إلى جانب التصدي لكل المتآمرين على هذا الوطن من أجل خدش تاريخ الثورة والتلاعب بمبادئها النبيلة، في الوقت الذي نجح فيه ثوار ودبلوماسيين الجزائريين في انتزاع الاستقلال من أعتا قوة عسكرية في العالم آنذاك، وحتى في فترة التفاوض كانت هناك جهود ومناورات ذكية، قائلا » لقد قام ذاك الجيل بما كان لزاما عليه أن يفعل وأكثر، لذا يجب علينا نحن اليوم أن نواصل المسيرة التي انطلقت مع أول رصاصة وعلى الجيل الجديد أن يكون له الدور في حمل المشعل«. بما يشبه وجه البراءة وبعيون طموحة مملوءة بحب الوطن تقول وهيبة » 18 سنة » أول نوفمبر هو حدث عظيم للمجاهدين، ولولا هذه الثورة لما عرف هذا الجيل معنى الحرية، ولما تمتعنا بالاستقلال، ما نعيشه اليوم لم يأت من العدم، هناك مشاعر كثيرة تنتابني، وأتمنى لو عشت تلك الفترة، لكنت قد مت شهيدة أو كنت على الأقل صديقة مجاهدات كجميلة بوحيرد وحسيبة بن بوعلي وغيرهن، في ذاك الزمن كان المجاهدون يتحركون بصدق تسبقهم صفاء نيتهم لأجل الحرية، أما اليوم فالكل يتصرف بخداع ومكر لأجل مصلحته الخاصة وفقط«. وعلى الرغم من كل الإختلافات في آراء وتصريحات الشباب فإن معظم هؤلاء يباركون ثورة أول نوفمبر ويؤكدون دفاعهم عن الوطن ، وما يجعلك تستشيط غيظا هو القانون الفرنسي الذي صدر والذي تم عرضه على البرلمان الفرنسي من أجل التصويت وتمجيدهم للحركى، هذه المسودة القبيحة التي اعتبرها أبناء الوطن أنها تمجد الإستعمار الفرنسي، مطالبين أبناء ديغول باعتذار رسمي من الشعب الجزائري.