تثير عملية تفجير طائرة الركاب الروسية في أجواء سيناء المصرية أسئلة حول الطريقة التي يكون قد اعتمدها من نفذوا العملية، والذين يتعقد أنهم من داعش، لكن فضلا عن الأسئلة المتعلقة بكيفية اختراق منطقة سياحية، يفترض أنها مؤمنة بشكل كاف، والطريقة التي زرعت بها القنبلة في الطائرة، فإن رؤية العملية في إطارها الأشمل تثير مزيدا من الأسئلة. داعش برر العملية بالانتقام من العمليات العسكرية الروسية في سوريا، ولا حاجة للتذكير بأن هذا التنظيم لا يفرق بين أهداف مدنية وعسكرية، لكن المشكلة الأساسية هي أن العملية تمت على الأراضي المصرية، وهو ما يعني أن الإخفاق الأمني كان مصريا بالدرجة الأولى، كما أن الآثار التي ستترتب عن العملية لا تمس روسيا بالدرجة الأولى، بقدر ما تمس دول المنطقة. الضربة التي تلقتها السياحة المصرية بسبب هذه العملية قاسية جدا، وستمتد آثارها لفترة طويلة، وما جرى ينبه مرة أخرى إلى ميدان داعش هو البلاد العربية، وحتى عندما يدعي التنظيم أنه يواجه القوى الدولية، فإن الضرر الأكبر من عملياته تتحملها دول المنطقة، ولعل هذا يعتبر سببا كافيا للعمل بجد من أجل اجتثاث هذا التنظيم ضمن تصور سياسي متكامل للحل في سوريا، والعراق أيضا. الدرس الآخر الذي يجب استيعابه هو أن هذا التنظيم بات قادرا على تحقيق اختراقات مهمة، وما فعله مع طائرة روسية، قد يستطيع تكراره مع طائرة من جنسية أخرى، ومن مطار آخر في المنطقة، وهذا يبين النتائج المأساوية للعبة الدولية في المنطقة، وما جنته سياسة غض الطرف على شعوب هذه البلدان، مع احتمال أن تنتقل الأخطار إلى خارج المنطقة. قد يعتقد البعض أن المسألة كلها انتقام من روسيا، لكن من الناحية الواقعية توفر هذه العملية غطاء أخلاقيا وسياسيا مهما للتدخل الروسي في سوريا، فعلى المستوى الداخلي سيضمن بوتين مزيدا من الدعم الشعبي لعمليته العسكرية، التي قد تتحول في جزء منها إلى حملة لمعاقبة من قتلوا المسافرين الروس، وعلى المستوى الخارجي سيضطر الغربيون إلى مزيد من التعاون من أجل مواجهة داعش رغم توجسهم من أهداف موسكو. ميدان اللعبة بلاد العرب، والخاسر الأكبر العرب.