قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في تصريح لشبكتي ”سي بي إس” وبي بي إس” التلفزيونيتين الأمريكيتين، إن ”بلاده لن تشارك في أي عملية عسكرية في سوريا أو دول أخرى”، مشيرا إلى ”أننا لا نخطط اليوم لذلك، ولكننا نفكر في تنشيط عملنا مع الرئيس الأسد وشركائنا في البلدان الأخرى”. ولا يرى بوتين ”سبيلاً لحل قضية سوريا غير تعزيز وتوطيد مؤسسات الدولة القائمة ومساعدتها في مكافحة الإرهاب، مع حثها على الدخول في حوار إيجابي مع قسم سليم من المعارضة وإجراء تغييرات سياسية”. وعبر بوتين عن اعتقاده بأن ”العمل في اتجاه آخر، اتجاه تخريب مؤسسات السلطة” في سوريا لن يؤدي إلا إلى ”ما نشهده اليوم في بلدان أخرى مثل ليبيا التي تفككت فيها جميع مؤسسات الدولة. ونشهد وضعا مماثلا في العراق أيضا”. ورد بوتين بالإيجاب على سؤال بشأن ما إذا كانت غاية روسيا في سوريا بقاء بشار الأسد في السلطة، مبيّنا أنه لا يحق إلا للشعب السوري أن يقرر من يحكم بلاده. وعن الدوافع وراء موقف بلاده المؤيد للرئيس السوري، قال بوتين ”هناك في سوريا أكثر من ألفي مقاتل من الاتحاد السوفيتي السابق. وثمة خطورة في أن يعودوا إلى بلادنا. والأفضل أن نساعد الأسد على قتالهم هناك في أراضي سوريا، ولا ننتظر لحين عودتهم إلينا. هذا هو أهم دافع لمساندة الأسد. وعموما نريد بالطبع أن يعود الوضع في المنطقة إلى طبيعته”. وعما إذا أرادت روسيا أن تضطلع بالدور الرئيسي في الشرق الأوسط أجاب بوتين ”لا”. وفي شأن متصل، قالت صحيفة ”نيويوك تايمز” الأمريكية، على موقعها الإلكتروني، أن الولاياتالمتحدة تفاجأت بتوقيع روسيا اتفاقا للتعاون الاستخباراتي مع كل من إيرانوسورياوالعراق لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش”. وأضافت الصحيفة أنّه للمرة الثانية في غضون شهر وسّعت موسكو نفوذها السياسي والعسكري في الصراع الدائر في سوريا، تاركة واشنطن تلهث وراءها، وكانت المفاجأة هذه المرة إعلانها التوصل إلى اتفاق مع كل إيرانوسورياوالعراق بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية بخصوص تنظيم ”داعش”. وأشارت الصحيفة إلى أنه على غرار التحرك الروسي السابق لدعم الرئيس السوري بشار الأسد بنشر طائرات حربية ودبابات في قاعدة بالقرب من مدينة اللاذقية، فإن اتفاق تبادل المعلومات الاستخباراتية قد تمّ دون إخطار الولاياتالمتحدة، مشيرة إلى أنّ المسؤولين الأمريكيين علموا بتواجد ضباط روس بالعراق، لكنهم فوجئوا حقا بإعلان انضمام العراق إلى قيادة العمليات العسكرية المشتركة لتبادل المعلومات الاستخباراتية الذي أُعلن عنه يوم الأحد. ترى ”نيويورك تايمز” أن هذا الاتفاق مؤشر آخر على أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتحرك بشكل أسرع وينتهج مسارا مختلفا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف ب”داعش” مقارنة بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وذلك بحشد تحالف منافس يضم إيران والحكومة السورية. وتقول الصحيفة أنّ الجهود التي ينتظر أن يبذلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الإثنين، لا تضع موسكو في مركز تقديم الدعم لحليفها بشار الأسد فحسب، وإنما قد تمكن الكرملين من التأثير على اختيار خليفة الأسد، إذا قرر الأخير التخلي عن السلطة. وبحسب الصحيفة، فقد أثارت التحركات الروسية أسئلة صعبة لإدارة الرئيس أوباما، والتي لا تزال محل خلاف عميق بشأن تدخل عسكري الأمريكي في الصراع السوري، وأنّه لا يبدو أنّ إدارة أوباما والكرملين سيتفقان بشأن السبب الرئيس للصراع. وأضافت الصحيفة أنه حتى مع مراهنة الولاياتالمتحدة على الاستراتيجية الدبلوماسية بشأن محاولة توظيف التعاون الروسي في سوريا، فإن الكرملين سيواصل زلزلة البيت الأبيض بتحركاته العسكرية والدبلوماسية أحادية الجانب. وخلص مقال الصحيفة أن الخيار الأمثل للإدارة الأمريكية في العراق يبقى ”الحياد”، مستندا في ذلك إلى قول مرديني: ”العراق دولة هشّة وقادته معرضون لضغوطات تضارب الرؤى السياسية، فالضغط على العبادي للوقوف في صف واشنطن ضد الأسد كالزج به في محور السنة ضد الشيعة”.