اختارت السعودية أن تنفذ حكما بالإعدام في حق الشيخ نمر باقر النمر، وهو من أكبر رجال الدين الشيعة في المملكة، وقد تجاهلت سلطات الرياض نداءات دولية كثيرة، من ضمنها مناشدة من الأمين العام للأمم المتحدة، بعدم تنفيذ حكم الإعدام في حق نمر النمر، وأعلنت الأمس أنها نفذت القصاص في 47 شخصا قالت إنهم من الفئة الضالة، وجاءت القائمة مليئة بعناصر محسوبة على تنظيم القاعدة تمت إدانتهم بارتكاب اعتداءات إرهابية في السعودية، وأدرج نمر النمر ضمن القائمة. كثير من الشبهات ثارت حول محاكمة نمر النمر، فالرجل لم يعرف عنه الانتماء إلى تنظيم إرهابي، لكنه معارض للنظام السعودي، ويدعو صراحة إلى تحسين أوضاع الشيعة الذين يمثلون، حسب إحصائيات رسمية، عشرة بالمائة من مجمل سكان المملكة البالغ عددهم عشرين مليونا، ويبدو أن قرار الإعدام جاء كرسالة موجهة إلى تلك الطائفة التي تتمركز في المنطقة الشرقية، وهي أغنى المناطق بالنفط، وفحوى الرسالة هو أن لا شيء سيثني الحكومة السعودية عن إسكات الأصوات المعارضة. الحروب الطائفية التي تزحف منطقة الشرق الأوسط بدأت تدق أبواب السعودية، ومن الغريب أن تكون حكومة الرياض هي من تتخذ القرارات الكفيلة بإشعال هذه الفتنة الطائفية في المملكة نفسها، فبعد قرار بالمجازفة عسكريا، وتبرير دعم المعارضة المسلحة في سوريا بعناوين طائفية، يأتي الدور على قسم من السعوديين أنفسهم الذين يشعرون بأن قرار إعدام نمر النمر يمثل إنذارا صريحا لهم بأن أي تحرك للمطالبة بالحقوق سينتهي بقمع دموي، ثم إن التبرير الديني لقرار الإعدام سيعمق الشرخ الطائفي الذي توسع بشكل مخيف خلال السنوات الخمس الماضية. إنها مفارقة عجيبة أن تتولى الحكومة السعودية نفسها عملية إطلاق حرب طائفية في منطقة مهددة بالتقسيم، وقد جرى الحديث صراحة عن خيار تفتيت السعودية إلى ثلاث دول مباشرة بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر، ويبدو أن بعض القرارات ستسرع هذه العملية، وتجعلها تمر عبر حمامات دم.