تفجير انتحاري في اسطمبول التركية يخلف عشرات بين قتيل وجريح، فضلا عن الرعب الذي بثه في أوساط رواد المدينة التي تمثل فيها السياحة قطاعا حيويا. تركيا واحدة من الدول المعرضة للاضطرابات في المستقبل القريب، فالمسألة الكردية تمثل تحديا كبيرا لوحدة البلاد، ولم تجد أنقرة إلى اليوم المخرج الذي يسمح لها بالاستجابة لمطالب الكرد، والحفاظ، في نفس الوقت، على وحدة الدولة التركية بالشكل الحالي، بل إن حكومة أنقرة تميل إلى اتباع سياسات حازمة لا تستثني العنف كأداة لإخضاع الكرد، والمسلحين منهم خاصة، وقد جاء التدخل في العراق ليثبت هذه النية في منع قيام دولة كردية وبأي ثمن. حزب العمال الكردستاني الذي يقبع زعيمه، ورمزه، عبد الله أوجلان في السجن، يعتبر في نظر أنقرة منظمة إرهابية، غير أنه يقاتل أساسا من أجل إقامة دولة كردية، وهو حلم يتقاسمه جميع سكان إقليم كردستان التي تمزقت أراضيه بين أربع دول هي تركيا وإيران والعراقوسوريا، وهناك دورة عنف تتغذى من فشل سياسي مزمن، ومن رؤية قومية تركية جامدة، وهي الآن تجد في الصراعات الإقليمية في المنطقة وقودا وغطاء. في العاشر من أكتوبر الماضي حدثت تفجيرات استهدفت تجمعا شعبيا شارك فيه الكرد في العاصمة التركية أنقرة، وقد قتل في الهجوم أكثر من 120 شخصا وجرح المئات، وبالأمس عادت التفجيرات إلى اسطمبول لكن هذه المرة تشير أصابع الاتهام إلى داعش، ومن الصعب توقع الضربة التالية، أين ومتى ستحدث، فالسلاح موجود، والظروف مساعدة، والمتطرفون حاضرون، والأهم من هذا كله أن الغطاء الذي يمكن الاختفاء تحته متوفر. لقد اختارت الحكومة التركية أن تكون في صف أولئك الذين سعوا إلى إسقاط نظام الحكومة في سوريا بقوة السلاح، وقد فتحت حدودها أمام عشرات المقاتلين الأجانب للوصول إلى ساحات المعارك في سوريا، ولعبت لعبة خطيرة في سورياوالعراق اعتقادا منها أنها تحمي مصالح تركيا وفي مقدمتها وحدة البلاد، لكن الآن تتراكم المؤشرات على أن تلك السياسات مكلفة. لعبت أكثر من حكومة ورقة العنف في سورياوالعراق، وهي الآن تواجه زحف هذا العنف عليها، وهذا درس يجب استيعابه.