هل الرئيس- رئيس الجمهورية طبعا- بحاجة إلى دفاع أو مساندة، وهل هناك ما يدعو إلى إقامة " جدار وطني" لدعم الرئيس ونصرة الجيش. بالتأكيد، فإن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليس بحاجة إلى دعم، من منطلق أنه رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يحظى بشرعية شعبية واضحة ولا غبار عليها، وهو بذلك معزز بهذه الثقة الغالية، التي تشكل أكبر دعم وأفضل حماية، وما بالنا إذا كانت هذه الشرعية، ما فتئت تتكرس في كل استحقاق انتخابي وتتعزز بمكاسب جديرة بالتنويه، لا تخفى إلا على جاحد حقود. إن حصيلة الرئيس فيها الكثير مما يشرف ويدعو للتفاؤل، وكما هو معروف فالكمال لله وحده، والذي يتفرج ويحسب أخطاء الآخرين، عادة ما يختار الموقع السهل. - تمكن الرئيس بحكمته وإقراره لسياسة الوفاق والسلم والمصالحة، من إخماد نار الفتنة واستعادة الأمن والاستقرار في كل أنحاء الجزائر، مع التصدي للإرهاب، لأن مواجهته لا تخضع لمساومة أو حسابات. فهو رجل وفاق وسلام ومصالحة. - تحظى الجزائر بمكانة محترمة في محافل الأمم، وهي تسعى بصدق إلى أن تتمثل مواقف واضحة في كل ما يحكم سياستها الخارجية وإبداء رأيها بالوضوح، الذي عرفت به سياستها، المرتكزة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتي لا يمكن أن تكون محل مساومة أو تنازل عن مبادئها. - قام الرئيس بتسديد الديون التي أثقلت كاهل الجزائر وأولت الدولة عناية كبيرة للبنية التحتية، وهي من الشروط الأساسية لعصرنة وتطوير الاقتصاد الوطني. - قام الرئيس بتوسيع قاعدة الديمقراطية،وجاء التعديل الدستوري ليعزز منظومة الحريات وحقوق الإنسان. - استطاع الرئيس، بفضل الإصلاحات السياسية التي باشرها، حماية الجزائر من الوقوع في الفوضى والصراع الدموي. - عمل الرئيس على تطوير وعصرنة الجيش، للدفاع عن الوطن وحماية حدوده وأمن مواطنيه، وأيضا كمؤسسة مكلفة باستمرارية قيم نوفمبر، نيابة عن سلفه جيش التحرير الوطني، والمساهمة من خلال مهامه في تأمين النظام الجمهوري وتعزيز ركائز الدولة. إذن، الهدف من " الجدار الوطني" ليس دعم الرئيس، بما قد يفيد أنه ضعيف وفي حاجة إلى مساندة، بل الغاية هي إقامة جدران الإسناد لبرنامج الرئيس، خاصة في هذه الظروف، التي تستوقف الشعب كله للوحدة واليقظة والتجند، حفاظا على سلامة بلادنا، وهي مجاورة للعديد من الأزمات المشتعلة، كما أن الشعب كله مطالب بالعمل والابتكار لاجتياز عواصف الأزمة الاقتصادية العالمية، التي مست الجزائر مباشرة بعد انهيار أسعار النفط. ولا غرابة أن يكون حزب جبهة التحرير الوطني هو صاحب المبادرة، وهنا لا بأس من التذكير- لعل الذكرى تنفع المؤمنين- أن السيد عبد العزيز بوتفليقة هو رئيس كل الجزائريين، لكنه أيضا رئيس الحزب، الذي يسانده ويدعم قراراته، وهذا الموقف يرتكز على الولاء المخلص والصادق وليس عن تملق وانتهازية. وقد يكون من المفيد كذلك، التذكير بأن انتماء الرئيس لحزبه لم ولن يتبدل، ذلك هو عهد الرئيس المجاهد وضابط جيش التحرير الوطني، المناضل والقيادي، الذي ظل وفيا لجبهة التحرير الوطني، مهما اشتدت الأهواء. إن تلك العلاقة التي هي أشبه ما يكون ب "العلامة المسجلة" التي لا تمحى ولا تزول، مهما كانت التحولات والمواقع والمسؤوليات، لم تنقطع علاقة عبد العزيز بوتفليقة بحزبه، وهو الذي ما فتئ يؤكد بأنه ابن جبهة التحرير الوطني، رضع من حليبها ولم يفطم بعد، وأن لا أحد يزايد عليه في ذلك. وإذا كانت رئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لحزب جبهة الحرير الوطني طبيعية، حيث أنها تعود إليه استحقاقا وجدارة، فلأنها ، في المعنى والدلالة، عربون وفاء من الرئيس المجاهد لجبهة التحرير الوطني، التي ناضل تحت لوائها ضابطا ومسؤولا. لم يبتعد الرئيس عن جبهة التحرير ولم يلتحق بغيرها كما فعل آخرون، بل ظل دوما جبهوي الانتماء، لم يقطع أبدا حبل الود مع جبهة التحرير، مسؤولا كان أو مواطنا عاديا أو رئيسا.
لكل ذلك، فإن " المبادرة الوطنية" هي تجديد للعهد مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لمواصلة مسار تأمين الجزائر وصيانة أمنها واستقرارها وصد الأخطار عنها وتعزيز ركائز دولة الحق والقانون.