كانت مأدبة الغداء التي نظمها الرئيس السوداني عمر البشير على شرف بعثتي الجزائر ومصر، فرصة مناسبة لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد راوراوة للرد بطريقته على رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر، عندما رفض مصافحته، وقد صنعت خرجة راوراوة الحدث هنا بالخرطوم وباتت حديث الجميع قبل ساعات فقط عن موعد المباراة الفاصلة. لم يترك رئيس الفاف أي فرصة لنظيره المصري سمير زاهر الذي حاول استغلال مأدبة الغداء التي نظمتها الرئاسة السودانية من أجل إطلاق ما أسماه مبادرة الصلح مع الجزائر على أساس استعداده لتقبيل رأس الحاج راوراوة، لكن الأخير بجرأة جزائرية لا يمكن تصوّرها رفض بأي شكل من الأشكال مساعي رئيس الاتحاد المصري. ويبدو أن رئيس الفاف تفطن للأمر ولم يرد أن يكون كبش فداء لأن يظهر المصريون بأنهم أكثر روحا رياضية على الجزائريين، كما يتضح كذلك بأن محمد راوراوة لم ينس التصريحات النارية التي أطلقها نظيره المصري قبل مباراة 14 نوفمبر بملعب القاهرة عندما قالها بالحرف الواحد مخاطبا جمهور بلده: "اعملوا اللي انتو عايزينو.. المهم انو مصر تكسب". وقد تفاعل جميع من كان هنا بالسودان وتضامنوا كلية مع موقف رئيس الفاف، وأجمعت كل القراءات على أن "هدية" راوراوة بقدر ما أعادت الاعتبار للجزائريين فإنها أيضا وضعت سمير زاهر في مكانه الحقيقي الذي يستحقه وهو ما أظهرته صورة الخيبة التي كان يجرّها بعد ذلك الموقف، لأنه من غير المعقول أن يدّعي رئيس الاتحاد المصري استعداده لتقبيل رأس رئيس الاتحادية الجزائرية في وقت أحلّ فيه فعل أي شيء مع المنتخب الجزائري وأنصاره في القاهرة، بل إن هيئته شجعت على النيل بكل ما هو جزائري. ويؤكد المقربون من الحاج راوراوة بأنه من خلال موقفه يدرك تمام الإدراك أن تصريحات زاهر أمام الرئيس السوداني لم تكن صادقة البتة خصوصا بعد الجحيم الذي عاشه الجزائريون تزامنا مع المباراة الأخيرة التي جرت السبت الماضي والتي كانت بدايتها بالاعتداء على حافلة المنتخب الوطني، تتطور وتصبح أكثر خطورة عندما بلغ الهمج المصري ذروته بعد المباراة. وعليه فإن الحيلة لم تنطل على رئيس الفاف الذي بدا في غاية الجرأة وهو يرفض وضع يده في يد زاهر، هذه المصافحة التي إن وقعت فإنه بلا شك كانت ستصنع الحدث في مصر وتستغلها صحافة هذا البلد من أجل القول بأن زاهر سجّل نقطة أخرى على الجزائر ونحن ندرك جيدا تركيز المصريين على الدعاية الإعلامية في مثل هذه المناسبات خاصة عندما يتعلق الأمر بالجزائر. وقد سبق لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وأن حمّل اتحاد الكرة المصري مسؤولية ما وقع للمنتخب الوطني وكذا الأنصار بعد نهاية المباراة، واتهم صراحة سمير زاهر بتدبير سيناريو محكم للاعتداء على الجزائريين، وعليه فإنه خرجته أول أمس بحضور الرئيس السوداني تؤكد فعلا بأنه واثق من تلك التصريحات خصوصا وأنه أكد امتلاكه ملفا كاملا يوجد حاليا بحوزة الفيفا.