يعتبر الشاعر ياسر الأطرش من الأصوات الشعرية المهمة في المشهد الثقافي السوري, صدر له مجموعة من الدواوين الشعرية منها: "قصائد حب دمشقية" ," " بين السر وما يخفى" , متحصل على عدة جوائز منها جائزة سعاد الصباح , جائزة الأممالمتحدة لأدب الطفل له عشرات المقالات النقدية والحوارات الأدبية منشورة في الصحف والدوريات العربية والمحلية..في هذا الحوار الذي أجريناه مع الشاعر على هامش عكاظية الشعر العربي حديث عن تجربته مع مسابقة "أمير الشعراء التي أسالت الحبر على صفحات الجرائد العربية , كما يبدي رأيه في بعض المواضيع المرتبطة براهن الإبداع. *كنت من ضمن المشاركين في مسابقة "أمير الشعراء" التي نظمتها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث, وهي المسابقة التي أسالت الكثير من الحبر على صفحات الجرائد العربية..حدثنا عن تجربتك مع المسابقة؟ هي تجربة إيجابية على كل مافيها , حصل ما حصل في المسابقة وأنا أنا دائما أقول العدالة في السماء , عبثا نبحث عنها في الأرض , لكن المسابقة قدمت لنا الكثير , تخيلي أمسية شعرية يحضرها 30 مليون ناطق بالعربية , وحامل للثقافة العربية حول العالم , هذا حلم كبير بالنسبة للشاعر , طبعا الذي يستطيع أن يحقق حضورا وإقناعا , التجربة كانت جميلة جدا من حيث أنها قدمت فرصة رائعة للشعراء المشاركين , لقد أعادت شيئا مهما للشعر العربي من حيث التعريف به وإعادته إلى الواجهة بعد أن أخذ بالاضمحلال نتيجة ظروف متعددة , حتى أنه ساد في الإعلام مقولة بأن الرواية أصبحت ديوان العرب , طبعا يبقى الشعر هو ديوان العرب بمعنى أنه الحامل الأساسي لوجدان الأمة , المؤرخ الحقيقي لروح الأمة , لدينا إشكالات حول التاريخ العربي والإسلامي , الإشكالات موجودة دائما , الآن هناك محاولات كثيرة لإعادة كتابة هذا التاريخ , لكن التاريخ الحقيقي للروح كان من خلال الشعر العربي , لذلك اعتقد أن مسابقة أمير الشعراء كانت ايجابية , الجهود المبذولة من قبل هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث كانت جهودا جبارة , قيل ماقيل من موالاة للبرنامج ومن عداء له , المهم سأكون منطقيا ومنصفا , البرنامج ايجابي بكل مافيه , قدم لنا فرصة للظهور والوصول إلى القلوب وهذا ما أعول عليه الشاعر ذخيرته , رأس ماله الناس , ونحن وصلنا إلى الناس من خلال برنامج أمير الشعراء. * قصيدتك التي قرأتها في حفل افتتاح عكاظية الشعر العربي , كانت ضمن العنوان العريض للعكاظية "الشعر العربي وقضايا التحرر" لكننا لاحظنا أن قصيدتك تناولت موضوع التحرر الداخلي..أليس كذلك؟ ربما من قرأ عنوان القصيدة من الشعراء والنقاد التزم مسألة التحرر من الاستعمار الخارجي , أما أنا فتطرقت لمسألة التحرر من الداخل , التحرر من داخل الإنسان أولا ثم من أعداء التحرر الخارجي , بمعنى الذين يناصرون ويؤيدون ويصنعون الفساد بشقيه الإداري والاقتصادي, الذين يؤكدون على الدكتاتورية والاستبداد والبيروقراطية , وأعتقد أن التحرر من الداخل هو الأهم , وهذا هو الذي لانستطيع مقاومته , تخيلي بأننا نصفق لهذا الاستعمار الداخلي , أما الاستعمار الخارجي فإنه لايدوم , أعطني احتلالا واحد استمر , مقاومة أي احتلال خارجي هي مقاومة مشروعة بالمنظور الديني والأخلاقي , لكن مقاومة أي احتلال داخلي من هذا النوع هي غير مشروعة وبالتالي نصفق لها , يقتلوننا ونصفق لهم , فأنا قرأت في هذا الإطار كيف يمكننا أن نقاوم الاستعمار الداخلي عن طريق الشعر. نحن نعيد تشكيل وجدان الأمة, محمود درويش في ستينات القرن الماضي كان يستطيع أن يخرج مظاهرة عظيمة تصل إلى 50 أو 60 ألف مواطن يخرجون على صدى قصيدة لمحمود درويش, وقال النقاد الشعراء الفلسطينيون اتكئوا على القضية الفلسطينية والقضية الفلسطينية اتكأت على محمود درويش..تخيلي بأن قضية وطن اتكأت على شاعر وهذه حقيقة , إذن نحن نستطيع لو كنا جادين أن نعيد تشكيل وجدان الأمة , نستطيع أن نساهم في تأسيس أخلاقيات ومفاهيم جديدة في المقاومة , إذن نستطيع أن نطور هذا المجتمع . *ولعل مجموعتك الأخيرة التي حملت عنوان "كلا" تندرج في هذا السياق؟ كل مجموعاتي الست السابقة كانت تحمل عناوين شعرية لكن هذه المجموعة الأخيرة سميتها" كلا", وكلا تفيد الرفض الزاجر, قصدت بعدا سياسيا من هذا العنوان,جيلي تربى على ثقافة النعم ,نعم لكل شيء تربينا عليها منذ أن كنا أطفالا ,إذن يجب أن تكون هناك ثقافة معادلة , وهي ثقافة الرفض والاختلاف والتي بفضلها فقط تتطور المجتمعات والأمم , الاختلاف هو حالة بناء والشمولية حالة ركود إذن يجب علينا أن نخلق حالة من الرفض, الشاعر الحقيقي يخلق حالة من الرفض بشكل ثقافي , والمقاومة هي المقاومة الثقافية أولا وأخيرا . * جئتنا من البلد الشقيق سوريا الذي يحتضن هذه السنة فعاليات الثقافة العربية, فكيف هي الأصداء هناك؟ أنا أشيد بتجربة الجزائر عاصمة للثقافة العربية , لقد تحدثنا كثيرا في عدة محافل في سوريا ودول أخرى عن أهمية ماقدمته الجزائر للثقافة عندما كانت عاصمة لها . نحن مازلنا في الأشهر الأربعة الأولى من التجربة هناك نشاطات كثيرة, لكن الحدث الكبير جدا ثقافيا وفنيا وإنسانيا كان حضور السيدة الرائعة فيروز التي افتتحت احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 بخير ما يمكن أن يفتتح به فكانت بداية مبشرة جدا وأيضا حضر الفنان وديع الصافي , الآن تطغى على الاحتفالية النشاطات المسرحية والموسيقية , مازلنا لحد الآن نشهد غياب النشاطات الأدبية من شعر ورواية وقصة , لكن أتمنى أن تكون حاضرة في الأيام القادمة . وما هو جديدك في مجال الإبداع؟ لدي مجموعة تحت الطبع بعنوان "وأدخل في رجل من ضباب" وأسعى إلى جمع كل أعمالي السابقة في كتاب "الأعمال الشعرية " ,ولدي مشاركات في مهرجانات عربية ومحلية كثيرة تجاوزت هذا العام 7 مهرجانات آخرها في الجزائر .