وجه وزير الصحة وإصلاح المستشفيات السعيد بركات، تعليمة لمدراء الصحة الولائين ومدراء المراكز الاستشفائية الجامعية، ألغت كل التراخيص التي تسمح لرؤساء المصالح ورؤساء الوحدات بممارسة أي وظيفة إضافية خارج المؤسسة العمومية، وتشترط التعليمة الجديدة على من يريد مزاولة نشاط بالقطاع الخاص، الاستقالة من منصبه كمسؤول، على أن يسمح له بممارسة عمله في عيادة خاصة واحدة فقط وذلك يوم الثلاثاء أو الأربعاء وذلك بعد الحصول على ترخيص من المصالح المسؤولة. وقد جاءت هذه التعليمة التي تنص على ضرورة احترام رؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الممارسين لأي نشاط إضافي خارج القطاع العمومي لأخلاقيات المهنية، لكي تضع السلطات الوصية حدا للتجاوزات المسجلة في القطاع العمومي، من شأنها تنظيم مهنة الطب، حيث تشترط التعليمة الجديدة على كل رئيس مصلحة أو رئيس وحدة يريد مزاولة عمله بالقطاع الخاص أن يستقيل من منصبه كمسؤول أولا، ويسمح له بممارسة عمله بعيادة خاصة واحدة فقط ولا يحق له العمل بعدة عيادات على أن يكون ذلك يوم الثلاثاء أو الأربعاء وذلك بعد حصوله على ترخيص من المصالح المسؤولة إذا كان بنفس الولاية التي يقطن بها أما إذا كان هذا الطبيب المختص يريد مزاولة نشاط إضافي خارج الولاية التي يقطن بها فلابد أن يتحصل على ترخيص من الوزارة الوصية . وبالمقابل لم تستثن نص التعليمة العيادات الخاصة، فبالإضافة إلى المؤسسات العمومية حملت المسؤولية للعيادات خاصة، ففي حالة الإخلال بإحدى الشروط كتوظيف أطباء أو رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات غير مرخص لهم تتحمل المسؤولية أمام مفتشي الصحة وأمام الوزارة الوصية، حيث تخضع العيادة كشخصية معنوية لإجراءات ردعية . وفي هذا الصدد، شدد وزير الصحة والسكان السعيد بركات على ضرورة تطبيق نص التعليمة من طرف مدراء الصحة عبر الولايات وخاصة الأطباء المفتشين الذين توكل لهم هذه المهمة وذلك عن طريق الزيارات المفاجئة والمستمرة للمراكز والمناطق التي يشتغلون فيه مع إبلاغه وإبلاغ الأمين العام وكذا المفتش العام على مستوى الوزارة الوصية بتقارير شهرية في حالة تسجيل تجاوزات مع ذكر مختلف التدابير والاحتياطات التي اتخذت في مثل هذه الحالات . وبموجب نفس التعليمة أيضا تكون قد ألغيت كل التراخيص التي منحت لرؤساء المصالح ورؤساء الوحدات من قبل بموجب التعليمة رقم 003 المؤرخة في 03 ماي 2003، التي سمحت لهم بممارسة أي وظيفة إضافية خارج المؤسسة الإستشفائية العمومية وذلك نصفي نهار من يومين في الأسبوع، وذلك على خلفية عدم احترام الفئة المذكورة للتعليمة السابقة، والتي بالغت في استغلال ذلك، حيث يقضي الكثير من هؤلاء الأطباء معظم وقته بالعيادات الخاصة، مما جعلهم يتنصلون من المهمة الأصلية التي وجدوا من أجلها بالقطاع العام، كما أصبحت المناصب التي يتقلدونها ? خاصة رؤساء المصالح ? مجرد أوراق إدارية في حين يسندون الملفات الثقيلة والمهمات الصعبة للمساعدين بحجة التحكم في المهنة، ليتفرغوا للبزنسة والتلاعب بصحة المواطن، فبدلا من التكفل بالمريض بالمستشفى، يتم توجيهه إلى العيادة التي يشتغل بها من أجل إجراء فحوص وتحليلات هي متوفرة في المستشفيات العمومية، أو حتى لإجراء عمليات جراحية يمكن القيام بها في المستشفى وبكفاءة ومهنية عالية تتعدى مهنية بعض العيادات الخاصة في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى أن المواعيد الطبية أصبحت تمنح في العيادات الخاصة، والأدهى من ذلك وجود منهم من يستغل بعض إمكانيات المستشفيات التي وفرتها الدولة لصالح المواطن في خدمة العيادة الخاصة. وهذا ما تشير إليه ضمنيا نص التعليمة التي أشارت إلى أن رؤساء المصالح أصبحوا يتكفلون بطريقة غير شرعية بصحة المواطن على حساب الصحة العمومية، كما أثبت الواقع الميداني أن فئة الأطباء التي تزاوج بين العمل في القطاع العام القطاع الخاص إنتاجها الأكاديمي يكاد يكون منعدما، مما يؤثر سلبا على مستوى ونوعية تكوين الطلبة في التخصصات المختلفة، بالإضافة إلى عدم التفرغ لتلقينهم كل ما يحتاجون إليه أو على الأقل توجيههم ميدانيا كون معظم هؤلاء يستغلون معظم وقتهم في »البزنسة «. ولعل إصدار السعيد بركات مثل هذه التعليمة وفي هذا الظرف بالذات أصبحت أكثر من ضرورة، فالهدف منها ليس فرض قيود على الممارسة الطبية بقدر ما هي تنظيم لهذه المهنة النبيلة التي لم تعد تحترم أخلاقياتها، كما تترجم الإرادة الخيرة والحقيقية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يلح في كل مناسبة على ضرورة سهر المسؤول الأول عن قطاع الصحة الشخصي على احترام المعايير المهنية والقواعد الأخلاقية في نشاطات القطاع الخاص. كما سبق أن توعد الوزير مديري المؤسسات الإستشفائية بإجراءات ردعية صارمة، والضرب بيد من حديد لكل من يتسبب في تراجع مستوى الرعاية الصحية أو يكسر قواعد التسيير الشفاف، من خلال إعطائه إشارة انطلاق حملة تفتيش وطنية أشرف عليها 35 مفتشا مركزيا عاينوا جميع المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة بما فيها عيادات طب الأسنان وعيادات البياطرة ومخابر الأدوية والتحاليل الطبية، مؤكدا أن لجنة التفتيش تعمل دون أي ضغوط قصد عكس واقع المستشفيات بدقة.