كشفت مصادر موثوقة في تصريح خاص ل ''الحوار''، أن وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، سعيد بركات، أصدر تعليمة وجهها لمدراء الصحة الولائية، مدراء المؤسسات الاستشفائية، وكذا مدراء المراكز الاستشفائية الجامعية تنص على ضرورة احترام رؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الممارسين لأي نشاط إضافي خارج القطاع العمومي لأخلاقيات المهنة، خاصة مع تزايد شكايات المرضى من تصرفات بعض الأطباء. أوضحت مصادرنا بأن التعليمة التي تحصلنا على نسخة منها، جاءت على خلفية عدم احترام الفئة المذكورة للتعليمة السابقة رقم 003 المؤرخة في 03 ماي 2003 والتي بموجبها يتم الترخيص لكل طبيب مختص وخاصة رؤساء المصالح والوحدات، بمزاولة نشاط إضافي بالعيادات الخاصة وذلك نصف نهار من يومين في الأسبوع، حيث بالغت في استغلال ذلك، حيث يقضي الكثير من هؤلاء معظم وقتهم بالعيادات الخاصة، ما جعلهم يتنصلون من المهمة الأصلية التي وجدوا من أجلها بالقطاع العام، وأصبحت المناصب التي يتقلدونها، ولاسيما رؤساء المصالح، مجرد أوراق إدارية في حين يسندون الملفات الثقيلة والتسيير والمهمات الصعبة للمساعدين بحجة التحكم في المهنة، ليتفرغوا للبزنسة بصحة المواطن. وبدلا من التكفل بالمريض بالمستشفى يتم توجيهه إلى العيادة التي يشتغل بها من أجل إجراء فحوص وتحليلات متوفرة في المستشفيات العمومية وحتى لإجراء عمليات جراحية يمكن القيام بها في المستشفى وبكفاءة ومهنية عالية تتعدى مهنية بعض العيادات الخاصة في كثير من الأحيان، وحتى المواعيد أصبحت تمنح هناك. والأدهى من ذلك وجود من يستغل بعض إمكانيات المستشفيات التي وفرتها الدولة لصالح المواطن في خدمة العيادة الخاصة، وهذا ما يشير إليه ضمنيا نص التعليمة التي أشارت إلى أن رؤساء المصالح أصبحوا يتكفلون بطريقة غير شرعية بصحة المواطن على حساب الصحة العمومية. رؤساء المصالح ممنوعون من العمل في أكثر من عيادة خاصة أثبت الواقع الميداني أن فئة الأطباء التي تزاوج بين العمل في القطاع العام والقطاع الخاص إنتاجها الأكاديمي يكاد يكون منعدما، مما يؤثر سلبا على مستوى ونوعية تكوين الطلبة في التخصصات المختلفة، بالإضافة إلى عدم التفرغ لتلقينهم كل ما يحتاجون إليه أو على الأقل توجيههم ميدانيا كون معظم هؤلاء يستغلون وقتهم في ''البزنسة. وحتى تضع السلطات الوصية حدا للتجاوزات المسجلة، قالت مصادرنا، اتخذت مجموعة من الإجراءات التي من شأنها أن تنظم مهنة الطب، حيث يشترط على كل رئيس مصلحة أو رئيس وحدة يريد مزاولة عمله بالقطاع الخاص أن يستقيل من منصبه كمسؤول أولا، ويسمح له بممارسة عمله بعيادة خاصة واحدة فقط ولا يحق له العمل بعدة عيادات على أن يكون ذلك يوم الثلاثاء أو الأربعاء وهذا طبعا بعد حصوله على ترخيص من المصالح المسؤولة إذا كان بنفس الولاية التي يقطن بها، أما إذا كان هذا الطبيب المختص يريد مزاولة نشاط إضافي خارج الولاية التي يقطن بها فلابد أن يتحصل على ترخيص من الوزارة الوصية. وبموجب نفس التعليمة أيضا ألغيت كل التراخيص التي منحت لرؤساء المصالح ورؤساء الوحدات من قبل بموجب التعليمة السابقة رقم 003 المؤرخة في 03 ماي 2003 التي سمحت لهم بممارسة أي وظيفة إضافية خارج المؤسسة العمومية أي المستشفى أو المركز الاستشفائي الجامعي. وشدد وزير الصحة والسكان سعيد بركات، أكدت مصادرنا، على ضرورة تطبيق نص التعليمة من طرف مدراء الصحة عبر الولايات وخاصة الأطباء المفتشين الذين توكل لهم هذه المهمة وذلك عن طريق الزيارات المفاجئة والمستمرة للمراكز والمناطق التي يشتغلون فيه مع إبلاغه وإبلاغ الأمين العام وكذا المفتش العام على مستوى الوزارة الوصية بتقارير شهرية في حال تسجيل تجاوزات، مع ذكر مختلف التدابير والاحتياطات التي اتخذت في مثل هذه الحالات. العيادات الخاصة تتحمل المسؤولية أيضا وبالمقابل، لم يستثن نص التعليمة العيادات الخاصة، فبالإضافة إلى المؤسسات العمومية حملت المسؤولية للعيادات خاصة، ففي حالة الإخلال بأحد الشروط كتوظيف أطباء أو رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات غير المرخص لهم، تتحمل هذه الأخيرة المسؤولية أمام مفتشي الصحة وأمام الوزارة الوصية، حيث تخضع العيادة كشخصية معنوية لإجراءات ردعية. ولعل إصدار بركات مثل هذه التعليمة، وفي هذا الظرف بالذات، أصبح أكثر من ضرورة، فالهدف منها ليس فرض قيود على الممارسة الطبية بقدر ما هو تنظيم لهذه المهنة النبيلة التي لم تعد تحترم أخلاقياتها، كما تترجم إرادة رئيس الجمهورية الذي يلح في كل مناسبة على ضرورة سهر المسؤول الأول عن قطاع الصحة الشخصي على احترام المعايير المهنية والقواعد الأخلاقية في نشاطات القطاع الخاص. كما سبق أن توعد الوزير بركات، حسب ما ذكرته مصادرنا، مديري المؤسسات الاستشفائية بإجراءات ردعية صارمة والضرب بيد من حديد كل من يتسبب في تراجع مستوى الرعاية الصحية أو يكسر قواعد التسيير الشفاف خلال إعطائه إشارة انطلاق حملة تفتيش وطنية أشرف عليها 35 مفتشا مركزيا عاينوا جميع المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة، بما فيها عيادات طب الأسنان وعيادات البيطرة ومخابر الأدوية والتحاليل الطبية، مؤكدا أن لجنة التفتيش تعمل دون أي ضغوط قصد عكس واقع المستشفيات بدقة.