اعتبر اللواء المتقاعد خالد نزار أن محاولة النظام المصري تَغييب واختزال دور الجيش الجزائري في الحروب العربية الإسرائيلية أمر مقصود، رافضا أية مساواة بين الشعب المصري والنظام، قبل أن يضيف »ما نلمحه اليوم أن هناك بعض الدول العربية تريد أن تفرض نفسها كمركز إقليمي لمخطط أمني دولي رسمته أمريكا بُغية أن تصبح حليفا استراتيجيا لها خارج منظمة الحلف الأطلسي، ولكن أن يتعدى ذلك ليمس كرامة الجزائر بالتعرّض للشهداء فهذا مرفوض«. خالد نزار الذي جاء حديثه بقصر المعارض أثناء تقديمه تفاصيل كتابه الموسوم »على الجبهة المصرية، اللواء الثاني الجزائري المحمول 1968-1969«، بتقديم للدكتور أحمد بن بيتور وصدر عن منشورات »ألفا« باللغتين العربية والفرنسية، قال أنه لو لم ير مدى الحقد والكراهية التي صبّها النظام المصري عبر فضائياته التلفزيونية والتي نكلوا فيها بكل ما هو جزائري أشدّ تنكيل، خاصة كرامة الشهداء الذين لم يجف دمهم بعد، لمَا قام بالتدّخل وسرد تفاصيل الفضل الجزائري دون إمنان في الحروب العربية الإسرائيلية والتي دارت رحاها بمصر، مضيفا »الجزائر رهنت أمنها بتسليمها معظم المدرعات والأسلحة في سبيل ترجيح كفة العروبة ضد إسرائيل بمصر«، أما الحديث عن العروبة بالمقاس المصري فنحن أول من يكفر بها ونتملّص منها«. واستعرض اللواء المتقاعد أطوار المجهودات التي بذلتها الجزائر من أجل مساعدة مصر في حربي 1967 و1973، وقال »لطالما ترددت في التعرّض للماضي التاريخي العربي، ولكن لما علمت بالتجاهل المصري المتعمّد للدور الجزائري في الحروب العربية الإسرائيلية، كان لزاما علي أن أفضحهم بعد أن جيشوا إمبراطورية إعلامية لشتم كل ماهو جزائري بسبب مباراة كروية«، وأضاف نزّار أن 20 ألف جندي جزائري الذين جابهوا العدو الإسرائيلي في الغالب كلهم سليلو جيش التحرير ويملكون خبرة ميدانية بخلاف المصريين، فضلا عن سقوط أكثر من 100 مقاتل جزائري بمختلف الرتب في ميدان الشرف، فلماذا كل هذا البغض لشعب المليون ونصف المليون شهيد؟. واستنادا لحديث نزار، فإن التناسي المصري المتعمد لكل هذا، والبحث عن كل طرق الهجوم الإعلامي على رموزنا الوطنية، سيعجّل لا محالة الساسة الوطنيين بأن يراجعوا سياسة التضامن العربي، عبر مراجعة واستقراء التاريخ بمقارنة ما كانت عليه العلاقات الجزائرية المصرية أمس عندما كانت كل الجهود منصبّة على العمل السياسي العربي الوحدوي، واليوم الذي نجد فيه هذه الدول العربية التي تريد أن تفرض نفسها كمركز إقليمي لمخطط أمني دولي رسمته الولاياتالمتحدةالأمريكية، بُغية أن تصبح حليفا استراتيجيا لها خارج منظمة الحلف الأطلسي. ولم يخف خالد نزار أن خطوات أنور السادات التي وقعها مع إسرائيل بشكل منفرد كانت بداية لنسف حلم الاندماج العربي في مواجهة الصهاينة بصفة موحدة، أما بعد اتفاقية كامب دايفيد، أصبحت القضية فلسطينية-إسرائيلية، ولعب فيها المصريون دورا سلبيا مقصودا خدمة لأجندة مصلحية، وأضاف »شبح التمزق الداخلي العربي سببه بروز الطائفية والمذهبية، وكذا ارتماء بعض الدول العربية في أحضان القوى الأجنبية بدعوى أنها تضمن الاستقرار لأنظمة تشكو من عقدة الشرعية«. وخلُص اللواء بالقول أن »كتابه هو بمثابة تنوير لساسة الجزائر حول الخيارات الواجب تبنيها لمعرفة الفضاءات الجيوسياسية التي ينبغي سلوكها، مشيرا إلى أن التزامن في الأحداث وحده يبرز إلى أي مدى كانت السياسات الكبرى التي أعدها العالم العربي غير متواصلة«، كما تأسف لما يقوم به بعض العرب بجعل العالم العربي ووحدته استثمارا سياسيا لأغراض ذاتية ضيقة كما قال.