أكدت تحليلات خبراء أمنيين أن الجزائر تشعر بحالة من الإحباط بسبب عدم قدرة جيرانها الجنوبيين على مواكبة نهجها العسكري القوي في مكافحة التنظيم المسمى »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، وتوقعت هذه المقاربات أن تزيد تهديدات هذا التنظيم على أوسع نطاق مستقبلا إذا ما بقي التلاشي الأمني على حاله في عدد من البلدان كما هو الحال بالنسبة إلى مالي والنيجر وكذا موريتانيا. ربط عدد من خبراء الشؤون الأمنية تزايد مخاوف الجزائر بتغلغل عناصر التنظيم الإرهابي »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، بضلوعه في جرائم خطف رهائن وعمليات تهريب الكوكايين بشكل بات يهدد دولا ضعيفة في غرب إفريقيا بجرائم قد تصيبها بالشلل، حيث أشارت تحليلات إلى أن توفر الفديات والأموال التي يجنيها التنظيم من تجارة المخدرات في دول مثل موريتانيا ومالي والنيجر تمويلا قد يجذب متشددين من دول فقيرة في وقت تتعرض فيه قيادة التنظيم في الجزائر إلى ضغوط. وفي هذا السياق يعتقد »جوناثان وود« من شركة »كونترول ريسكس« بأنه من الواضح أن هناك تهديدا متزايدا فيما يتعلق بمخاطر السفر لكن المستثمرين من غير المرجح أن يثنيهم هذا عن الدخول في مشاريع بالمنطقة، وأضاف في تصريح نقلته وكالة »رويترز« أن »تضاؤل التعاطف مع الإيديولوجية المتشددة سيحد أيضا من الدعم الذي يحصل عليه التنظيم وأغلب أعضائه من الجزائريين لأن المشاكل المحلية ستكون لها الأولوية وليس الجهاد العالمي«. وتابع جوناثون بالتأكيد أن التأثير الأخطر والأهم لدخول »تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي« في دوائر المجرمين والمتمردين سيكون هو تعزيز المنافسة حول التهريب وتفاقم الفساد وبالتالي تصبح دول المنطقة أضعف حالا. ومن جهته حذّر محلل المخاطر السياسية »ديفيد جوتليوس«، لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي العام الماضي من أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يتقن التمركز في المنطقة لكن التهديد الذي يمثله غير مباشر، كما لم يتوان في القول إن »خطر انعدام الاستقرار في منطقة الساحل حقيقي لكن مصدر التهديد مرتبط بشكل مباشر باليأس الاقتصادي والجريمة وعدم المساواة سياسيا واقتصاديا وليس بتنظيم القاعدة أو الإيديولوجية السلفية«. وتذهب بعض التحليلات الأخرى إلى تأكيد أن الأثر الرئيسي المترتب على أنشطة التنظيم سيكون على الأرجح تصاعد الجريمة المنظمة العنيفة في المناطق ذات مشاريع الموارد المزدهرة مقارنة بهجمات لها دوافع إيديولوجية، وفي هذا الشأن يرى »سوميلو بوبيي مايغا« وهو وزير دفاع سابق في مالي يعمل الآن مستشارا أمنيا بأن »تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يستمد قوته من ضعف الدول..«، منتقدا انشغال هذه الدول بمستقبلها السياسي بالقول: »تفكر الدول في أغلب الأحيان في استمرارها السياسي بدلا من الإستراتيجية«. والأكثر من ذلك فإن وزير دفاع مالي سابقا توقع أن يزيد تهديد تنظيم »القاعدة« بشكل لافت مستقبلا إذا ما بقي الأمر على ما هو عليه الآن، مؤكدا »وهذه منطقة ستصبح مهمة بشكل متزايد للغاية« في إشارة إلى وجود مخزونات كبيرة من النفط والغاز والمعادن في المنطقة. وفي موضوع تزايد حالات الاختطاف واستمرار طلب الفدية من طرف التنظيم يؤكد »ريتشارد باريت« وهو رئيس لجنة تابعة للأمم المتحدة تتولى مراقبة شؤون القاعدة وحركة طالبان في تصريح لوكالة »رويترز« أنه »إذا قمت بحساب الأمر على أساس تلقي فدية تقدر بنحو ثلاثة ملايين يورو لكل رهينة فهذه مبالغ طائلة، تلقوا هذه الأموال في الماضي مقابل رهائن«. ويحتجز تنظيم »القاعدة« في الوقت الحالي ست رهائن غربيين وتربطه صلات بتجارة الكوكايين بين دول منطقة الصحراء الكبرى تقدر بملايين الدولارات، وقد أثار الجناح الجنوبي مخاوف أمنية في الشهور القليلة الماضية، ويعتقد محللون أن جماعات محلية هي التي غالبا ما تخطف الرهائن ثم تسلمهم إلى متشدّدين في المنطقة، حيث تتضمن المفاوضات مزيجا من مطالب جهادية معلنة وطلبات خاصة بدفع فدى بملايين الدولارات.