الجبهة الوطنية الفرنسية اختارت العلم الجزائري ومآذن الإسلام والنقاب كرموز للخطر الذي يواجه فرنسا، فقد جاءت إحدى ملصقات الحزب اليميني المتطرف في حملة انتخابات المناطق، ولعل جان ماري لوبان استغل حالة التوتر في العلاقات بين الجزائروفرنسا ليظهر عداءه للجزائر والجزائريين، لكن القضية تتجاوز بكثير المواقف الشخصية. ما يحدث الآن هو ثمرة من ثمرات النقاش حول الهوية الوطنية الفرنسية الذي أطلقه الرئيس نيكولا ساركوزي، وموقف لوبان يعبر عن رأي جزء كبير من السياسيين والمثقفين الفرنسيين، فرسم الخارطة الفرنسية يغطيها العلم الجزائري هو إعادة صياغة لما قاله أحد وزراء ساركوزي عن الفرنسيين من أصول مهاجرة في أحد تجمعات الاتحاد من أجل حركة شعبية عندما تم تقديم شاب من أصول مغاربية له : "لا بأس بوجود واحد، لكن عندما يكون هناك عدد كبير منهم فتلك مشكلة"، ومثل هذه التصريحات، التي توصف، تضليلا، بأنها أخطاء، أو انزلاقات، تؤكد أن لوبان يقول صراحة ما يتداوله الآخرون همسا. لقد جاء النقاش حول الهوية الوطنية في فرنسا، وهو نقاش غريب، ليحسس الفرنسية بما يسمونه الخطر الإسلامي، وهو الخطر الذي يجري الآن تجسيده في الجزائر ورموزها وأولها العلم، وهذا التجسيد يعكس عنصرية متقدمة، فالمعنيون بهذا الوصف هم مواطنون فرنسيون من الناحية القانونية، وكثير منهم لم يزوروا الجزائر أبدا، لكنهم، بنظر حزب ساركوزي، ومن يتقاسمون معه المبادئ في جبهة لوبان، يمثلون خطرا على انسجام المجتمع الفرنسي، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس. العنصرية الفرنسية تلبس حلة الثقافة مرة، وحلة السياسة مرة أخرى، لكنها عنصرية تكتسب المزيد من الشرعية، وربما دعمتها بعض القوانين التي ستحدد للمسلمين أي لباس يسمح لهم بارتدائه، في انتظار أن تصدر القوانين التي تقيد حركاتهم وطريقة الكلام عندهم، وسيكون من الغباء إلصاق تهمة العنصرية بالجبهة الوطنية التي يقودها لوبان فقط، لأن الحقيقة الآن هي أن ساركوزي وحزبه هم الذين يقودون حملة الكراهية ضد الفرنسيين المسلمين، وهم الذين يريدون تعميم العنصرية كعقيدة فرنسية جديدة.