تعزيز دور الدولة في حماية الهوية في ظل العولمة واقتصاد المعرفة من اللافت أن حزب جبهة التحرير الوطني وسّع الجانب الثقافي كما سمّاه إلى قطاعات أخرى مكملة وهي: التربية والتعليم والتكوين، التعليم العالي والبحث العلمي، الثقافة والهوية والوازع الديني والخلقي، كما حرص البرنامج على تقديم مقترحات لتطوير القطاع في ظل تحديات العولمة ورهانات الوصول إلى مجتمع المعرفة. يحفل كثيرا برنامج الأفلان بالثقافة ولكن ضمن دائرة أوسع تستهدف الإنسان من حيث التربية والتعليم والتكوين المهني، ومن حيث ضرورة تطوير أداء التعليم العالي والبحث العلمي لأن ذلك حتما هو مفتاح الوصول إلى الهدف الذي سطرته الدولة في آفاق 2025 وهو بناء اقتصاد مجتمع المعرفة. ظل الأفلان ومنذ عقود يملك نظرة صائبة جدا في مجال الثقافة وخاصة مشكلة الهوية وما صاحبها من أزمات في مطلع عام 1980 وما بعده، ولهذا وضع المسألة في أبعادها الثقافية والتاريخية والحضارية، كما نبّه البرنامج إلى التراكمات السلبية التي نجمت عن الإهمال المتعمد أو المفروض، مما يستوجب أن تحظى الثقافة بالاهتمام والعناية باعتبارها الوعاء الذي يستمد منه المجتمع عوامل حصانته الذاتية متمثلة على الخصوص في الحفاظ على هويته المتميزة. يبدي الحزب امتعاضا من تخلي النخب الوطنية عن دورها في النهوض بهذا الجانب مما نتج عنه ظواهر سلبية كثيرة أفرزت واقعا ثقافيا واجتماعيا مخيفا ومهددا لمستقبل الأجيال. ولعل الأزمة الدموية السابقة بفعل ظاهرة الإرهاب وسلوك الفرداني أصبحا يطبعان حياة الأسرية والاجتماعية، كما أن الدعوة إلى الاحتماء بالماضي بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات، والنظر إلى الواقع بعين سوداوية يعد أهم مظاهر القصور في الاهتمام بهذا الجانب، ولهذا يرى حزب جبهة التحرير الوطني أن الانخراط الواعي والتعاطي الإيجابي مع متغيرات عصر العولمة، واقتصاد المعرفة، يستلزم إعطاء الأولوية لقضايا رئيسية هامة منها تعميم وتعميق التربية الوطنية والإسلامية على كافة أطوار ومراحل التعليم من التحضيري إلى الجامعي وإعطاء تدريس مادة التاريخ الثقافي للبلاد معاملا هاما في كل الامتحانات والمسابقات، وتشجيع البحوث الهادفة إلى إبراز قيم الترابط والتكافل والتضامن الاجتماعي، ورصد جوائز معتبرة لأصحابها. كما يقترح الأفلان في برنامجه توسيع دائرة الاهتمام بالموروث الثقافي وربطه باحتياجات الحاضر والمستقبل، من خلال تكثيف البحوث العلمية والملتقيات المتخصصة واستخدام تقنيات ووسائط الاتصال الحديث في نشرها وتبليغها للأجيال. ويحض الحزب أيضا على تثمين أكبر للجهود التي بذلت في مجال نشر التعليم والمعرفة في أوساط المجتمع وتعزيز المنظومة التشريعية والقانونية الهادفة لحماية حرية الفكر والتعبير في إطار قيم وثوابت المجتمع. ومن المقترحات الهامة أيضا إعطاء القطاع الخاص حق المبادرة في إطار القانون للمساهمة في عملية التحديث والتطور للمنشآت الثقافية والإبداعية، وتعزيز دور الدولة في إنجاز المنشآت الثقافية (المسرح، السينما، الكتاب).