طالب أمس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في قرار فرض رسم الكاربون على شركات الطيران التابعة للبلدان الإفريقية والنامية التي تقوم بالنقل الجوي نحو البلدان الأوروبية، وأكد بأن فرض الرسوم من طرف واحد وبشكل يمس البلدان النامية لا يعتبر الصيغة المناسبة للمساهمة في تقليص انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ولمكافحة تغير المناخ، كما عرّج بوتفليقة على الإجراءات التي اتخذتها الجزائر في مجال حماية البيئة. شهد اليوم الثاني من قمة إفريقيا – فرنسا المنعقدة بقاعة »أكرو بوليس« بمدينة نيس الفرنسية عقد الجلسة الثالثة بين الرؤساء حول المناخ والتنمية، وهي جلسة شهدت تدخلات مختلف الرؤساء المشاركين منهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وذلك قبل الجلسة الختامية التي عُقدت في الفترة المسائية، وفي هذا السياق، شدد بوتفليقة على أن إفريقيا رمت بكل ثقلها في مكافحة التغيرات المناخية وهي تلتزم، يُضيف، بالمبادئ الأساسية لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خاصة منها تلك المتعلقة بالمسؤولية المشتركة والمتباينة وبقدرات كل طرف وبالإنصاف. وأورد رئيس الجمهورية بأن إفريقيا تنتظر من شركائها السرعة في تجسيد الالتزامات المالية الإضافية للمساعدة العمومية على التنمية مثلما نص عليها اتفاق كوبنهاغن، أي 30 مليار دولار أمريكي بالنسبة للفترة الممتدة بين 2010 و2012، والسعي لرفع هذا المبلغ إلى 100 مليار دولار أمريكي سنويا في أفق 2020، وهي أغلفة مالية مُوجهة طبعا لتمويل التقليص من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع التغيرات المُناخية. وأكد بوتفليقة أن الجزائر، التي حُظيت بمهمة تنسيق المسعى الإفريقي على المستوى الوزاري في إطار المسار التفاوضي حول النظام المناخي العالمي، تولي عناية خاصة لمكافحة التغيرات المناخية سيما وأن مناخها القاحل وشبه القاحل يُعرّضها للعديد من التبعات السلبية من مثل التدهور السريع للسهوب وتفاقم التصحر وشح المياه وتنامي الحرائق وتدهور التنوع البيئي، وأوضح أن هشاشة الاقتصاد الجزائري المتسم بتبعيته للمداخيل النفطية دفع إلى إيلاء عناية هامة بهذا الملف، ومنه تم التكفل بهذه الإشكالية في إطار الإستراتيجية الوطنية للبيئة. وتطرق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال عرضه لمضمون هذه الإستراتيجية، إلى قرار إنشاء جهاز مؤسساتي يضم وكالة ترقية وترشيد استعمال الطاقة والوكالة الوطنية حول التغيرات المناخية والسلطة الوطنية ذات الاختصاص تطبيقا ل »بروتوكول كيوتو« من أجل تعزيز التنسيق والتعاون على المستويين المحلي والدولي. ومن هذا المنطلق، أعرب عن أمله أن تتوصل المجموعة الدولية إلى نتائج إيجابية خلال الندوة السادسة عشرة للدول الأطراف التي ستنعقد ب »كانكون« نهاية السنة الجارية تتويجا للمسار التفاوضي الجاري حول النظام المناخي العالمي لما بعد 2012، وأوضح أنه يحق لإفريقيا أن تأمل في أن تتخذ البلدان المُصنعة تعهدات بتقليص الغازات المُولدة للاحتباس الحراري بما يُوافق مسؤولياتها التاريخية، كما شدد على أن ضرورة وفاء هذه البلدان بالتزاماتها برسم اتفاقية الأممالمتحدة حول تغير المناخ، ومنه، يُضيف، يتعين عليها تعبئة وسائل تطبيقها لصالح البلدان النامية سواء تعلق الأمر بالوسائل المالية الضرورية أو بنقل التكنولوجيات والمهارات العقلانية بيئيا، معتبرا مثل هذا التعاون ضروريا لتطبيق الاتفاقية المذكورة. واستغل بوتفليقة فرصة هذا اللقاء كي يطالب الاتحاد الأوروبي ومن منطلق روح الحوار والتشاور، كما قال، بإعادة النظر في قرار فرض رسم الكاربون على شركات الطيران التابعة للبلدان الإفريقية والنامية، واعتبر فرض الرسوم من طرف واحد لا يُمكن بتاتا أن يكون الصيغة المناسبة للمساهمة في تقليص انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومكافحة تغير المناخ. وأكد أنه مهما كانت المواقف من قمة كوبنهاغن ومن الظروف التي صيغت فيها، إلا أن الدول الأطراف ملزمة ببذل كل ما يُمكن بذله من أجل أن تتم صياغة النظام المناخي لما بعد 2012 ب »كانكون« وفقا لما وكّلت نفسها عليه، معتبرا تعزيز تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة بشأن تغير المناخ تعتبر هدفا هاما، كما رافع لصالح أن تسهم قمة نيس في تعزيز فرص الوصول إلى التزامات تكون ملزمة للمجموعة الدولية في كنف احترام مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة. ويرى رئس الجمهورية أن القارة الإفريقية التي لا تتعدى الانبعاثات الغازية التي تُنتجها والمسببة للاحتباس الحراري 4 بالمئة، شاركت بشكل فعال في المسار التفاوضي على أساس الوثيقة الوزارية المعتمدة بالجزائر في نوفمبر 2008 والمُصادق عليها من قبل قمة رؤساء الدول والحكومات في فيفري 2009، وهي وثيقة، يُضيف، تُشكل الأساس الذي يقوم عليه التوافق الإفريقي حول مسألة التغيرات المناخية.