يقول المثل الجزائري : عندما يسقط الثور ، تكثر الخناجر. بمعنى عندما يكون الثور واقفا على رجليه الأربعة يعتبره الجميع »سيد الحيوانات« ويخافون من الاقتراب منه، وعندما يسقط .. كل واحد يعمل على ذبحه وسلخه. هذا المثل ينطبق تماما على المدرب الوطني رابح سعدان. فعندما تأهلت الجزائر لكأس العالم، وعندما فازت على كوت ديفوار في كأس أمم إفريقيا، كان سعدان »شيخ الشيوخ«، وعندما فشلنا في اجتياز الدور الأول من كأس العالم ، سقط الثور واستل كل واحد خنجره ، العارف والجاهل ، وراح يسلخ سعدان سلخا. والحقيقة أن النقد ضروري، والتقييم الموضوعي أكثر من ضروري، لكن بدون تجريح، فلا سعدان ولا روراوة ولا غزال ولا غيرهم كان يرغب في مغادرة كأس العالم من الدور الأول ، لقد أدوا ما استطاعوا، وفشلوا في تحقيق الهدف الذي رسموه »وهو التأهل للدور الثاني« رغم خروجهم برأس مرفوعة. والحقيقة الأخرى أنه لا يجب على سعدان أو روراوة التحرج والتحسس من انتقادات الجماهير والخبراء والتقنيين والمدربين. وهذه سنة اللعبة وقاعدتها. فصربيا التي فازت على الجزائر في مباراة ودية بثلاثة أهداف لصفر، خرجت من الدور الأول أيضا، وأقدمت اتحادية صربيا لكرة القدم على تخفيض راتب المدرب. وكثير من المدربين يستقيلون أو يقالون بعد فشلهم في تحقيق الهدف. وبالتالي فإن ما يجري في الجزائر من حديث عن رحيل المدرب وتعويضه شيء عادي وطبيعي إذا لم يخرج عن »الروح الرياضية«. الآن يجب التفكير بجد في المستقبل، فشهر سبتمبر على الأبواب، حينها تنطلق تصفيات أمم إفريقيا. وتقول القاعدة : نفس المقدمات تؤدي إلى نفس النتائج. وتقول أيضا : نفس الرجال يؤدون إلى نفس النتائج. وتقول كذلك : نفس الظروف تؤدي إلى نفس النتائج أيضا. ومن هذا الباب يجب أن يحدث التغيير، تغيير الرجال والظروف والمقدمات .. إنها سنة الحياة أيضا. مشكلتنا في الجزائر أنه رغم النتائج السلبية التي تحصل في عدد كبير من القطاعات والإدارات والوزارات والمؤسسات ، ورغم الفضائح والرشاوى ورغم الإنتقادات والإضرابات والاحتجاجات .. لم يتغير المسؤول، لم يستقل ولم يقال. فهل يجب أن تشذ كرة القدم عن القاعدة ؟ نعم يجب أن تشذ عن القاعدة، لأنها تكاد تكون القطاع الوحيد الذي يحقق نتائج ملموسة، والكرة هي الوحيدة التي أسعدت الجزائريين، وأفرحتهم في كل مكان، كبيرهم وصغيرهم ذكورهم وإناثهم، المواطنين والمهاجرين. إذا استقال رابح سعدان أو أقيل .. لا يجب أن يخرج من الباب الضيق، فإلى وقت قريب كان هو »شيخ المدربين«، ولابد أن يبقى شيخ المدربين ويخرج معززا مكرما. وإذا بقي سعدان على رأس الفريق يجب أن يعمل مع فريق من الخبراء ، لأنه إذا عمل بمفرده أو مع نفس الطاقم وفي نفس الظروف سيصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها في أنغولا وفي جنوب إفريقيا. في زحمة التحضيرات لكأس العالم ، بادر سعدان نفسه بالتخلي عن بعض اللاعبين وقال إن إبعادهم ليس إهانة لهم بل يجب تكريمهم إذا اقتضى الأمر. وما كان ينطبق على أولائك اللاعبين، ينطبق اليوم على المدرب رابح سعدان وطاقمه. فقط بدون »خناجر«، فالخناجر يجب أن تبقى في أغمادها. لكنني شخصيا إذا كان يجب استقدام مدرب أجنبي، فأنا أفضل سعدان بما له وما عليه.