لو جلس بوتفليقة في مدرجات ملعب 5 جويلية بحضور عشرات الآلاف من المواطنين، ودخل أحمد أويحيى والوزراء إلى أرضية الميدان، لتقييم أدائهم، لانتفض الناس بحدة أكبر من انتفاضتهم مع سعدان. فالناس لا يأكلون الحلوى من يد شخص يكرهونه. عندما نفشل في تحقيق النتائج يجب أن نحدث التغيير، ليس في الأشخاص فقط، بل حتى في الخطط والوسائل المستخدمة والمناهج المتبعة. وهذه القاعدة صالحة لكل المجالات من السياسة إلى الرياضة. ومن هنا ولدت فكربة التداول على »السلطة« من رئاسة الدولة إلى رئاسة الحكومة إلى الوزير والوالي إلى رئيس البلدية، ورئيس الشركة إلى مدرب فريق وطني أو حتى مدرب نادي صغير. التغيير ضروري، بهدف ميلاد أفكار جديدة ونفس جديد ودم جديد وقوة جديدة وطموح جديد وهكذا. رابح سعدان " أخفق " مع الفريق الوطني بعد " تألق " ما يعني أ،ه استهلك الأفكار التي جعلته يتألق، فأصبح من الطبيعي " أن يغادر " العارضة الفنية للخضر. وكان هذا مطلبا " جماهيريا " ولقي " شبه الإجماع " في أوساط المختصين. لكننا بدأنا نقرأ عبر الصحافة ما يشبه العتاب لسعدان ولروراوة في ما اعتبر أن " الإستقالة المقبولة بسرعة البرق " لم تأت في الوقت المناسب وأنها مضرة بالفريق الوطني قد تحول دون مشاركته في كأس إفريقيا 2012. وذهبت صحيفة إلى حد اتهام روراوة بالديكتاتوري لأنه لم يستشر مكتب الإتحادية بخصوص استقالة سعدان أو إقالته. ما يعني – حسبهم - أن روراوة أخطأ. لكن الحقيقة التي يجب قولها هي أن روراوة لم يخطئ بل عاد إلى الصواب، وإذا كان قد أخطأ، فإن خطأه هو تجديد عقد سعدان، وتركه يواصل تسيير فريق " بدون روح " ولم يعد يملك طريقة لعب واضحة تمنحه هوية. وسوف يخطأ روراوة أيضا ، إذا منح الفريق لمدرب قليل الخبرة، أو أبقى الفريق بمدرب مؤقت رسمي لفترة طويلة . والحقيقة أن الفريق الوطني " كمؤسسة رياضية " هو شبيه بمؤسسة سياسية ، مثل الدولة تماما، والرئيس المنتخب، من حقه أن يعين ويقيل، ويصبح من واجبه إبعاد المسؤولين الذين لا يحظون بشعبية ، لأن " الناس لا تشتري الحلوى من أي شخص تكرهه " ، ولا يمكن " لأي أحد أن يصبح صديقا مقربا لشخص يكن له العداوة ". والأكثر من هذا أن الشخص المنتخب مثل محمد روراوة هو الذي يتحمل مسؤولية الأشخاص المعينين ، مثل المؤسسة السياسية تماما. إن السياسة لعبة مثل الرياضة، لكنها لو كانت جماهيرية ، ويقيم الوزراء والمدراء مثل الرياضيين في " الملاعب الكبيرة " بحضور مئات الآلاف من المواطنين، لسمع السياسيون الفاشلون أكثر ما سمع سعدان وروراوة من الشتم والسب ، ولطالبوا بتنحية فلان أو علان وإدخال فلان أو علاّن إلى الحكومة أو الوزارة. روراوة لم يخطأ .. كان قد يخطأ لو أصر على الخطأ ، فالإصرار على الخطأ يؤدي إلى الخطيئة.