ترسيم قرار تغيير مكان استقبال “الخضر“ لمنافسيهم في تصفيات كأس أمم إفريقيا من ملعب 5 جويلية إلى ملعب تشاكر بالبليدة لم يفهم مغزاه عناصر المنتخب الجزائري الذين استحسنوا اللعب مجددا في الحلة الجديدة لميدان 5 جويلية الذي تحسنت كثيرا أرضية ميدانه التي تسمح باللعب الفني، وقد رفض رفقاء بوقرة أن تربط النتائج السلبية المحققة أمام صربيا والغابون بأكبر ملعب في الجزائر.. بل جاءت التعليلات أن المشكل كان فنيا وكان لابد من دق ناقوس الخطر بتحسين الجوانب الفنية وتحضير تشكيل قادر على تحقيق الانتصارات وتسجيل الأهداف، وليس بالتحجج دائما بالملعب لأنه في مواجهة أول يوم من رمضان الميدان كان صالحا والخلل كان بدنيا وتكتيكيا في مباراة كشف فيها المنافس عن رغبة أكبر في الفوز وكان الأحسن تنظيما فوق البساط الأخضر ل5 جويلية. 5 جويلية للفرق التي لها طريقة لعب وقد تبين مرة أخرى أن القائمين على شؤون المنتخب يفكرون بمنطق الطارئ واللارياضي، حيث أراد روراوة وسعدان من خلال تغيير مكان مواجهة تانزانيا من 5 جويلية إلى البليدة اللعب على وتر “الملعب المربوح” و”الفال” وأمور ليس لها علاقة بالجانب الرياضي، ويبقى 5 جويلية الملعب الذي يملك المعايير الدولية لاحتضان المنافسات الكبيرة وقد كشفت فيه الأندية والمنتخبات التي تملك طريقة لعب عن قوتها، ولكن مادام أن “الخضر“ يعانون من هذا الجانب فقد فضل سعدان التوجه إلى الميدان الضيق لتشاكر على أمل الفوز بفضل كرات ثابتة أو بفضل ضغط الجمهور. جمهور تشاكر متعصب مثل جمهور العاصمة وإن كانت العلة من هروب الناخب الوطني من 5 جويلية هو تجنب ضغط الجمهور العاصمي المعروف أنه يرفض الانتكاسات في أرض 5 جويلية كما كان الحال في مواجهتي صربيا والغابون، إلا أن التنقل 50 كلم لن يغير المعطيات لأن حتى جمهور البليدة يعرف الكرة ولن يقبل بالمهازل كما كان الشأن في مواجهة السنغال التصفوية العام الفارط حين تعرض رفقاء صايفي لانتقادات وضغط شديد عندما كانوا خاسرين في النتيجة قبل أن يعادلها هذا الأخير وتفوز الجزائر بشق الأنفس، وفي حال حدوث أي تعثر سنحضر لنفس ردة الفعل عند الأنصار الذين لن يقبلوا مستقبلا بسلسلة أخرى من النتائج السلبية. اللاعبون يرفضون “عقدة 5 جويلية” من جهتهم، يرفض اللاعبون أن يصبح ملعب 5 جويلية “عقدة” بسبب مثل هذه القرارات، لأن سبب مطالبة رفقاء زياني اللعب في تشاكر في المرات السابقة هو لسوء وضعية ملعب 5 جويلية، الذي يبقى حلم أي دولي اللعب أمام جمهوره ولكن سعدان بهروبه مرة أخرى من أكبر ملعب في الجزائر يكون قد زرع فكرة التحجج بالميادين عند الفشل رغم أننا لم نسمع بأي منتخب يغير مكان استقباله بسبب خسارة في مواجهة ودية إلا إذا كان سعدان لا يملك لاعبين قادرون على اللعب في ملاعب كبيرة من مستوى 5 جويلية. بلومي، ماجر كبرا تحت انتقادات 5 جويلية وقدد كان حلم اللعب في 5 جويلية يراود كل لاعب جزائري منذ تدشين هذا الملعب، وقد لعب الجيل الذهبي سنوات الثمانينيات كل مبارياته الرسمية والودية في هذا الملعب، ويتذكر الجمهور كيف صقلت مواهب بلومي، ماجر في هذا الملعب رغم الشتم والانتقاد الذي تعرض له الثنائي في بداية مشواره مع “الخضر“ ولكن خالف أو روغوف أو كل من أشرف على “الخضر“ في تلك الفترة حضروا المنتخبات في هذا الملعب وأمام انتقادت الجمهور العاصمي إلى درجة أن أطلق على الملعب إسم “ دار الشرع” لمدى معرفة الجمهور العاصمي للكرة. أرضية تشاكر ليست الأحسن تفضيل الناخب الوطني العودة إلى تشاكر هو رد فعل على الشتم الذي تعرض له عقب مواجهة الغابون، والقرار بذلك يكون ارتجاليا وغير مدروس مادام أن رفقاء بلحاج لم يلعبوا في هذا الميدان منذ مواجهة زامبيا شهر أكتوبر من العام الفارط، ولم يفهم المختصون الفائدة من تحضير التشكيلة في المواجهات الودية في ملعب 5 جويلية لنستقبل بعدها في المنافسات الرسمية في تشاكر الذي لا يملك أرضية من الطراز الرفيع وليست أحسن من أرضية 5 جويلية الملعب المناسب لاحتضان مثل هذه المواعيد. “لو نريد الضغط، فالحراش أو 20 أوت الأنسب“ وإن كانت رغبة الطاقم الفني والمسير في اللعب في تشاكر للضغط الشديد من طرف الأنصار بسبب قرب المدرجات من أرضية الميدان، فكان من الأجدر كما قال اللاعب الدولي السابق قندوز اختيار اللعب في ملعب الحراش أو 20 أوت الذي سيشكل أجواء ضغط أشد على تانزانيا وإفريقيا الوسطى مادمنا لم نعد قادرين على الفوز رياضيا في عهد الناخب الوطني سعدان. “هكذا فلنستقبل خارج الوطن” وقد كشف أنصار “الخضر“ عن تذمرهم من خرجات الناخب الوطني الذي يجد في كل مرة الحجج الواهية للإخفاقات، ويريد الهروب في كل مناسبة عن العاصمة، حيث برمج كل تربصات ما قبل المونديال خارج العاصمة ورفض مواجهة الإمارات في 5 جويلية وحتى سفر “الخضر“ إلى بلد منديلا لم يكن من أرض الوطن وهو ما دفع محبي المنتخب يطالبون سعدان استهزاء باستقبال منافسيه خارج الوطن لتجنب ضغط الجزائريين ..” كابيلو تعرّض للشتم في “بيرنابيو“ وتقبّل الأمر ما أدهش الجزائريين هو الطريقة التي أصبح يتعامل بها سعدان الذي لا يتقبل الانتقادات ولا غضب الجماهير المشروع بما أن المنتخب لم يحقق أي نتيجة إيجابية منذ مدة واكتفى بالهزائم واللعب الدفاعي منذ شهر جانفي الماضي، لكن رغم هذا إلا أن فلسفة سعدان تقضي بأنه لا يحق لأحد انتقاده لا الصحافة التي يعتبر أنها لا تعرف أفضل منه ولا الجماهير الجزائرية التي يهرب منها عندما تبدي عدم رضاها على نتيجة ما، ورغم أن أن الانتقاد مشروع في كل بلدان العالم وتقبله يعتبر ثقافة فأكبر المدربين العالميين يتعرضون للانتقاد على غرار كابيلو عندما كان يشرف على ريال مدريد وفاز بالبطولة الإسبانية لكن الجماهير المدريلانية انتقدت طريقة لعبه وتقبّل هو الأمر، لكن سعدان يرى غير ذلك والويل لمن ينتقده سواء الصحافة التي اعتبرها في وقت من الأوقات خائنة أو اللاعبين السابقين الذين اعتبر أنهم يتدخلون في شؤونه، أو الأنصار الذين هرب منهم وحرمهم من إبداء آرائهم في منتخبهم. دومينيك “المجنون“ لم يقم بذلك الأمر الذي يحيّر في القضية أن سعدان المفترض أنه يملك الخبرة الكافية لتسيير الضغط ولا يجعل استياء الجماهير منه يزداد، يقوم بأمور غريبة لا يفهمها أحد وهو ما جعل الشارع الرياضي الجزائري يزداد غيضا، حيث عبّر كثير من الجزائريين عن استيائهم من تحويل مكان إجراء لقاء تنزانيا بسبب ما حدث في لقاء الغابون، وأكدوا أن حتى مدرب المنتخب الفرنسي السابق دومينيك المجنون –حسبهم- والذي تعرض لانتقادات من طرف كل الفرنسيين لم يقم بهذه الأمور، لأن المنتخب ليس ملكا للمدرب بل للشعب ويجب أن يبقى كذلك، فلا يحق لأحد أن يحرم الجزائريين من منتخبهم سواء كان قويا أو ضعيفا. الحل كان في تحقيق النتائج وليس تغيير الملعب ويؤكد متتبعو الكرة في بلادنا أن الحل الذي لجأ إليه سعدان والاتحادية باللعب في البليدة من أجل تفادي ضغط 5 جويلية، ليس حلا مناسبا لمنتخب محترف ويضم لاعبين محترفين ويتبع سياسة احترافية، لأن الاحترافية تقضي إسكات الانتقادات فوق الميدان وتقبّلها خاصة عندما يتعلّق الأمر بتمثيل بلد، والاحترافية تقضي بأن من ينهزم ويسجل نتائج سلبية يتحمّل مسؤوليته ويتقبّل كل ما يقال عنه، لذا فإن الجميع كانوا يرون أن تصرّف الأنصار في مباراة الغابون كان سيحرك مشاعر اللاعبين والمدرب حتى يستفيقوا من الغيبوبة التي دخلوا فيها ويحققوا نتائج أفضل ويعودوا لسلسلة الانتصارات التي كانوا قد سجلوها قبل نهاية 2010، لكن “الخضر” لم يفهموا الرسالة جيدا. أين سيذهب سعدان إذا ثار عليه البليديون؟ الآن وبعد أن هرب سعدان من 5 جويلية ومنغضب العاصميين وانتقل إلى ملعب البليدة الذي كان يلقى فيه الترحاب، ينتظر سعدان أن يكون الأمر مثل ما كان عليه في السابق وعندما يدخل الميدان الكل يهتف باسم “كابيلو الجزائر“، لكن الأمر ليس مضمونا لأن الجماهير الجزائرية في قمة الغضب من نتائج المنتخب ومن تصرّفات سعدان حيال اللاعبين وأمور أخرى عديدة بدأ يعرفها الجزائريون تدريجيا، وهو ما يجعلنا نطرح أسئلة مهمة وهي أين سيذهب سعدان بالمنتخب إذا عامله الجمهور في البلدية بالطريقة نفسها التي عامله بها الجمهور في ملعب 5 جويلية؟ وأين سيلعب “الخضر” إذا لم يتحمّلوا ضغط البليدة هذه المرة؟ وهل سنذهب إلى الخارج في المباريات الرسمية إذا بقي استهجان الشارع الرياضي لخطة سعدان أم أن “الشيخ“ سيخضع للأمر الواقع ويتقبّل الوضع أو يستجيب لرغبة الشارع الجزائري ويرمي المنشفة؟ تصريحات لموشية كشفت أمورا قلبت اعتقاد محبي سعدان وما زاد الطين بلة ويلعب ضد سعدان هي تصريحات اللاعب خالد لموشية الأخيرة في “الهداف“ التي كشف من خلالها خبايا قضيته مع سعدان في أنغولا بعد أن بقي ساكتا لفترة طويلة وتحمّل المسؤولية وحده، لكنه هذه المرة كشف أمورا غيّرت نظرة الجميع للمنتخب وما يحدث فيه، وحتى محبي سعدان بدؤوا يغيّرون رأيهم وبدؤوا ينظرون إليه بنظرة مغايرة، وهو ما يعني أن سعدان سيكون مطالبا بتغيير الأوضاع في بيت “الخضر” في أقرب وقت وإعادة رفع أسهمه وإعادة المنتخب للطريق الصحيح إذا أراد المواصلة على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني والاستفادة من كل الامتيازات التي يملكها حاليا.