في الوقت الذي يصعد فيه الاحتلال الصهيوني من اعتداءاته واجتياحاته العسكرية لمدن وقرى الضفّة الغربية المحتلّة، وتوازيا مع عدوانه في مدينة جنين ومخيمها لليوم الثالث على التوالي، أعربت العديد من الأطراف عن "مخاوفها البالغة" مما قد ينجر عن ذلك، في إشارة إلى محاولة الكيان الصهيوني استنساخ ما اقترفه في غزّة التي شهدت إبادة جماعية. بدأت قوات الاحتلال الثلاثاء المنصرم، عدوانها على محافظة جنين حيث تركز على مخيمها الذي اقتحمته العديد من الآليات والجرافات العسكرية وسط تحليق الطيران الحربي، ما أدى لاستشهاد 12 فلسطينيا وإصابة أكثر من 40 آخرين، فضلا عن تدمير الطرق والبنى التحتية وإقامة حواجز عسكرية وبوابات حديدية لعزل المدن والقرى الفلسطينية. وقال محافظ جنين، كمال أبو الرب، في هذا الصدد إن الإحتلال الصهيوني "يريد تكرار ما حدث في قطاع غزّة من تدمير وتخريب وقتل في محافظة جنين" شمال الضفة الغربية، كاشفا أن عدد الشهداء والمصابين في زيادة مستمرة مع عدم السماح لسيارات الإسعاف بالدخول لإنقاذ سكان المخيم. وتواصل قوات الاحتلال الصهيوني كذلك نصب بوابات حديدية عند مداخل بلدات وقرى في الضفة الغربية، ضمن سياسة "تشديد الحصار" على الضفّة وتحويلها إلى "مناطق معزولة"، وتقييد حركة المواطنين وفرض عقوبات جماعية عليهم. وعلى خلفية التطورات الحاصلة في الضفّة الغربية طالب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، أمس الأربعاء، المجتمع الدولي ب "التدخل الفوري والعمل الجاد على كبح جنون" حكومة الاحتلال الصهيوني وتطرفها، ووقف "عدوانها وجرائمها المستمرة بحق شعب فلسطين خاصة في مدينة جنين ومخيمها". وحذّر في الوقت نفسه من "المخططات الخطيرة التي يسعى إلى تنفيذها ائتلاف اليمين العنصري، والمتمثلة في شن عدوان واسع يشمل جميع محافظات الضفّة الغربية المحتلّة، وارتكاب عمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي، إلى جانب الطرد الجماعي للفلسطينيين بهدف تنفيذ مشاريع الضم الاستعمارية". وأعرب في نفس السياق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أيضا عن "القلق البالغ" الذي أبدته المنظمة الدولية بشأن "العنف المستمر" في الضفّة الغربية المحتلّة وبشكل خاص العملية العسكرية الصهيونية واسعة النطاق في جنين. وبدورها حذّرت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، من احتمال ارتكاب الكيان الصهيوني "إبادة جماعية في الضفّة الغربية على غرار تلك التي ارتكبها في قطاع غزّة"، متابعة بالقول: "جرائم الإبادة الجماعية (التي يرتكبها الكيان الصهيوني) ضد الفلسطينيين لن تقتصر على غزّة، إذا لم يتم إجباره على التوقف". كما أعربت وزارة الخارجية الكويتية، عن إدانة دولة الكويت واستنكارها "الشديدين" للعدوان الذي تشنّه قوات الاحتلال الصهيوني على مدينة جنين، مؤكدة أن استمرار الإحتلال الصهيوني "في انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني وخرقه لقرارات الشرعية الدولية دون محاسبة، يشكل تهديدا للأمن والاستقرار الإقليميين ويقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل". من جهته شدد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، على أنه "لا يجوز السماح بتفجّر الأوضاع في الضفّة الغربية". وتابع: "بعد هذه التحديات نذهب إلى عملية سياسية شاملة مرتكزة إلى وحدة الضفّة الغربية وغزّة، وتأخذنا إلى حل حقيقي على أساس تجسيد حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلّة حرّة ذات سيادة على التراب الوطني، على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس". وعلى صعيد متصل، أدانت منظمة التعاون الإسلامي ب"شدة" الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في الضفّة الغربية وخاصة في مدينة جنين ومخيمها. واعتبرت المنظمة، أن ما يحدث في الضفّة الغربية امتداد لجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، مجددة في الوقت نفسه دعوتها المجتمع الدولي ل "تحمّل مسؤولياته ووضع حد لهذا الإرهاب (الصهيوني) المتواصل في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلّة بما فيها مدينة القدس الشريف وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني".