أكدت دراسة أعدها »مركز موشي دايان« التابع لجامعة تل أبيب والتي كشفت عن مخطط إسرائيلي خطير وخبيث يستهدف اختراق الحركة الأمازيغية بمنطقة المغرب العربي وخصوصا الجزائر، ومن ثمة استثمارها لتحقيق جملة من الأهداف الحيوية للكيان الصهيوني وعلى رأسها تسهيل عملية التطبيع مع هذا الكيان، شكوك قديمة- جديدة حول طبيعة العلاقة التي تربط بعض نشطاء الحركة الأمازيغية في الجزائر والمغرب بإسرائيل، هل الأمر يقتصر فقط على دعم الحركة الأمازيغية سياسيا وماليا لتوسيع نفوذ هذا الكيان وتأثيره في المجتمعات المغاربية، أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى قضية أخطر وهي هتك وحدة الدول المعنية وضرب استقرارها؟ وبطبيعة الحال فإن المراهنة على الحركة الأمازيغية لم يكن خيارا عبثيا، بل ارتكز على حسابات دقيقة لها علاقة بالخطاب الذي تتبناه الكثير من النخب التي تقود الحركة الأمازيغية، والجواب عن سبب التركيز على النشطاء الأمازيغ نجده في الدراسة التي أكدت على وجوب التعويل على فاعل غير عربي لمراجعة معادلة قائمة على فكرة مفادها بأن الحركات الإسلامية والقومية تمارس ضغوطا على الأنظمة بمنطقة المغرب العربي للوقوف في وجه التطبيع مع إسرائيل، والمقصود هنا الجزائر بالدرجة الأولى ذلك أن النظام في المغرب جد متحمس لفكرة التطبيع وربما أكثر تحمسا لهذا الخيار من أشد المتطرفين في الحركة الأمازيغية. واللافت أن الدراسة المذكورة لم تشر بشكل واضح إلى الطريقة التي يتم بها استثمار الحركة الأمازيغية لتحقيق هدف التطبيع، عدا الحديث عن الزيارات التي قام بها عدد من النشطاء الأمازيغ إلى إسرائيل من دون إعطاء بعض الأسماء الجزائرية أو المغربية، مع العلم أن جل النشطاء الأمازيغ ينتمون إلى هاذين البلدين. وبطبيعة الحال فإن ما جاءت به دراسة مركز موشي دايان معروف لدى الكثير من المراقبين، حتى وإن كان الكثير منهم يرفض توجيه اتهامات واضحة وصريحة إلى بعض النشطاء فيما يسمى بالحركة الأمازيغية أو البربرية بمنطقة المغرب العربي، حتى وإن كانت هناك شواهد كثيرة تثير الشكوك حول تصرفات بعض قيادات الحركة الأمازيغية ومنها قيادة ما يسمى بالحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل وزعيمها فرحات مهني. إن طبيعة المشروع الذي يحمله مهني ومن يسير في ركبه تكفي وحدها لإدانته بالعمالة للخارج، خاصة وأن حركته تريد فرض انفصال منطقة غالية من هذا الوطن الكبير دون وجود مبررات تاريخية أو سياسية أو حتى عرقية تبرر دعوة الانفصال، فمنطقة القبائل لا تشكل جهة قائمة بذاتها ومنفصلة عرقيا أو سياسيا عن باقي مناطق البلاد الأخرى، ولم تشكل دولة منفصلة عن الوطن الأم في أي مرحلة من المراحل، ثم إن البعد الأمازيغي الذي يتحجج به مهني يحدد انتماء كل الجزائر وليس منطقة القبائل وحدها. لكن رغم هذه الحقائق، يلعب مهني وأمثاله ورقة التجزئة وهتك وحدة الجزائر وسلخ منطقة القبائل عن الوطن الأم، وقبل مهني أداء الدور الدنيء المتمثل في تجسيد مخطط التجزئة بالجزائر في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية والأمريكية الهادفة إلى تمزيق وحدة العديد من الدول العربية والإسلامية تكريسا لما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد. لقد سبق لجهات مطلعة أن تحدثت عن لقاء سري جمع فرحات مهني بخبراء من المخابرات الأمريكية »السي أي أي«، وبخبراء من الموساد الإسرائيلي بواشنطن، وحتى وإن لم تتسرب معلومات عن فحوى هذين اللقاءين فإن المؤكد أن الهدف هو البحث عن الطرق الممكنة لمساعدة الحركة الانفصالية التي يقودها مهني ومن ثمة تسهيل مهمتها في تحقيق هدف فصل منطقة القبائل عن الوطن الأم. وبطبيعة الحال لا يجب أن نلوم إسرائيل التي تخطط لتحقيق أهدافها، فاللوم يقع على بعض المتشدقين بالهوية الأمازيغة، ثم على السلطات السياسية التي تسمح من حيث تدري أو من حيث لا تدري لبعض الأطراف باستغلال بعد ثقافي وطني لضرب الوطن نفسه.