وثائق ويكيليكس تفتح نافذة على التقدير الأمريكي للأصدقاء والحلفاء والأعداء على السواء، فبعض الأوصاف التي أطلقها الدبلوماسيون الأمريكيون على بعض رؤساء الدول الحليفة لأمريكا تؤكد أن المصافحات والعناق والمجاملات التي تنقلها الكاميرات هي نفاق خالص، لكن هذا لا يقدم جديدا. لا يهم إن كان الأمريكان يصفون الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بهتلر، فهو يعلم جيدا كيف ينظر إليه هؤلاء، وهو بدوره ينتقدهم علنا ويتهمهم بالإجرام، ولا تغير الأوصاف التي أطلقت على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في العلاقة بين فرنسا وأمريكا شيئا، فتلك دول تتعامل على أساس مصالحها، والمصالح لا تتأثر بالمديح ولا بالهجاء، ولا أحد يتوقع حدوث أزمة دبلوماسية بين أمريكا وفرنسا، أو بينها وبين روسيا بسبب الوثائق. في الوثائق التي تحدثت عنها بعض الصحف تبدو المعلومات التي تخص العرب مخزية، فالسعوديون والبحرينيون ألحوا على أمريكا حتى تهاجم إيران وتدمر منشآتها النووية، ومجرد الإلحاح في طلب مثل هذا يعتبر جريمة لا تغتفر، فلم نعلم أن دولة في العالم تستعجل حدوث حرب ضد دول مجاورة ودرس الكوريتين واضح لمن أراد أن يعتبر، ثم إن هؤلاء لم يستفيدوا شيئا من المأساة العراقية وهم الذين كانوا يلحون على أمريكا حتى تدمر العراق وتحتله، وبعد حين اكتشفوا أن النتائج لم تكن في صالحهم، بل إن إيران التي يسمونها رأس الأفعى أصبحت تمساحا بعد سقوط العراق في أيدي المحتلين. يعتقد هؤلاء أن أمريكا هي لعبة في أيديهم، وهم بكل تأكيد واهمون، فأمريكا لن تدمر العراق خدمة لمصالح السعودية أو مصر، وهي لن تهاجم إيران لطمأنة الملوك في بلاد العرب، وكل ما سيجنيه هؤلاء هو مزيد من العداء مع قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها ولا استبعادها من المنطقة، وإيران أبقى من أمريكا لو كانوا يعلمون.