أمريكا تشعر بخيبة الأمل، هذا ما قاله المتحدث باسم الخارجية الأميركية بي جيه كراولي تعليقا على الانتخابات التشريعية في مصر، بل ذهب إلى حد القول أن بلاده شعرت بالفزع من الأنباء عن أعمال التدخل والتخويف من جانب قوات الأمن يوم الاقتراع، واعتبر الأنباء التي ترددت عن "مخالفات" في الانتخابات المصرية تثير شكوكا في "نزاهة العملية وشفافيتها" ، وعندما تتحدث أمريكا بهذه الصيغة فإنها تؤكد أن الانتخابات كانت مزورة، ولا حاجة إلى مزيد من الأدلة، لأن أساليب التزوير التي استعملها الحزب الحاكم في مصر كانت متخلفة جدا وشاهدها الملايين في مختلف أنحاء العالم عبر شاشات التلفزيون. الفزع الأمريكي مما جرى في الانتخابات المصرية لن يتحول إلى غضب أو إلى ضغط، بل إن قد يتحول إلى ورقة تلعبها السلطة الحاكمة في القاهرة لتجنيد الناس ضد التدخل الأمريكي الذي يهدف إلى الضغط على مصر وقيادتها الوطنية التي تتزعم حركة التحرر العربي ضد الصهيونية والهيمنة الأمريكية. نعم هناك في القاهرة من المقتاتين على فتات مائدة آل مبارك من يردد هذا الكلام بكل وقاحة، وربما هناك من هو على أتم الاستعداد لتصديقه أيضا، وحتى حركة الإخوان المسلمين، وهي القوة المعارضة الأولى التي رثاها كراولي في تصريحاته دون أن يذكرها بالاسم ستعلن أن تسلط وفساد نظام مبارك أهون من قبول الملاحظات الأمريكية. الأهم في كل هذا اللغط هو الإجابة على سؤال أساسي، لماذا تصاب أمريكا بالفزع دون أن تغير رأيها في نظام مبارك ؟ والإجابة موجودة في وثائق ويكيليكس، فمبارك هو من أكثر الحكام العرب حماسة لتنفيذ الخطط الأمريكية ضد العرب والمسلمين، وهو حريص على أن يلعب دور الناصح الأمين بغزو العراق واحتلاله مرة، وبتدمير إيران مرة أخرى، وهذا يجعله بعيدا عن المساءلة، بل إن موقف الخارجية الأمريكية من الانتخابات المصرية يشبه تماما عبارات المجاملة التي يطلقها المسؤولون الأمريكيون أمام محدثيهم في الدول الصديقة، وهي عبارات منافقة سرعان ما تترك مكانها للكلمات النابية والنقد الجارح الذي طفحت به وثائق ويكيليكس.