أبرز المشاركون في الملتقى الدولي الذي عقد، أول أمس، بالأوراسي، بالعاصمة، ممن عايشوا اللحظات القوية التي ميزت العلاقات القائمة بين إيطاليا والجزائر بالدور الذي لعبه أنريكو ماتيي خلال نهاية الخمسينات وبداية الستينات في تدعيمه للثورة التحريرية بإسهامه إستراتيجية الوفد الجزائري خلال مفاوضات إيفيان. وعرفت أشغال الملتقى الدولي »أنريكو ماتيي وحرب التحرير الوطني« العديد من المداخلات لشخصيات سياسية وثقافية جزائرية وإيطالية، أشادت بدور المدير الأسبق للمؤسسة الوطنية الإيطالية للمحروقات وما قدمه لثورة التحرير. وفي مداخلته، أكد دحو ولد قابلية إطار سابق بوزارة التسليح والعلاقات العامة ووزير الداخلية والجماعات المحلية حاليا أن »الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية دعت آنذاك هذه الشخصية الإيطالية المعروفة بمواقفها المناهضة للاستعمار إلى تقديم دعمها في الطريقة التي تتم بها تنظيم المفاوضات لا سيما فيما يتعلق بملف البترول«. وأكد في هذا السياق أن المفاوضين الجزائريين نجحوا بفضل التوضيحات التي قدمها آنريكو ماتيي في تحديد رهان مفاوضات إيفيان لا سيما فيما يتعلق بسيادة الجزائر على أراضيها وباطن أراضي الصحراء، مؤكدا أن مواقف ماتيي حول ملف البترول الجزائري كلفته حياته. من جهته تأسف رضا مالك رئيس الحكومة الأسبق والمتحدث باسم الوفد الجزائري في مفاوضات إيفيان لكون »صديق الجزائر هذا لم يشهد الجزائر المستقلة«. وأضاف أن ماتيي كان يمتلك أفكارا إبداعية في مجال العلاقات بين الدول المنتجة والمستهلكة للبترول. وأوضح رضا مالك أنه في الوقت الذي كانت فيه »قواعد اللعبة« خلال سنوات 1950-1960 تمليها الشركات متعددة الجنسيات في المجال البترولي فان آنريكو ماتيي كان يحمل رؤية جديدة تتمثل في تحديد فوائد الشركات متعددة الجنسيات بنسبة 25 بالمائة وتخصيص باقي الهامش )75 بالمائة( للبلدان المنتجة. من جانبه ذكر محمد خلادي مدير سابق لمصلحة التوثيق والبحث التابعة لوزارة التسليح والاتصالات العامة بمساهمة ماتيي في المقاومة ضد المحتل النازي في إيطاليا، مضيفا أنه كان من بين القادة الخمسة لهذه المقاومة. وتضمن برنامج الملتقى جلسات مخصصة لعدة مواضيع منها: »جبهة التحرير الوطني وشبكة التضامن في أوروبا الغربية»، و»إيطاليا والقضية الجزائرية: الحكومة، الأحزاب والقوى الاجتماعية«، و»إستراتيجية ماتيي في إفريقيا الشمالية ومساندته للقضية الوطنية الجزائرية«.. كما عرض بقاعة الموقار على هامش الملتقى، النسخة الأصلية لفيلم »قضية ماتيي« لفرانسيسكو الذي يتطرق في مضمونه إلى حيثيات وفاة ماتيي في 27 أكتوبر 1962، عندما تحطمت طائرته في ظروف غامضة لم تفض التحقيقات الرسمية إلى تأكيد فرضية الاغتيال.