أكد المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل أن عصرنة الشرطة الجزائرية وجعلها متخصصة يبقى من أولوياته الرئيسية، وكشف عن زيادات في أجور موظفي سلك الأمن بنسبة 50 بالمائة، ستدخل حيز التنفيذ بداية من جانفي 2011، وتطبق بأثر رجعي بداية من جانفي 2008. هذا القرار الذي يضاف إلى قرارات أخرى مرتبطة بتحسين ظروف معيشة وعمل أعوان الأمن، جاء ضمن القانون الأساسي لموظفي القطاع الذي وقع عليه الوزير الأول أحمد أويحيى يوم 22 ديسمبر الجاري. قال اللواء هامل على أمواج القناة الثالثة للإذاعة الوطنية، »تبنيت مقاربة منهجية بسيطة قائمة على تشخيص ثم تحليل نقدي سمح لي بتحديد مكامن القوة والضعف في هذه المؤسسة الأمنية التي تعد من مؤسسات الدولة، كما تم تحديد مكامن الخلل التي تعيق التسيير في ميدان التنظيم والموارد البشرية والدعم اللوجيستيكي«، وعليه فقد تم اتخاذ إجراءات مستعجلة بما يسمح بمعالجة الخلل، خاصة في تنظيم المديرية العامة للأمن الوطني وهياكلها، حيث تم التكفل بملف الموارد البشرية، وملف مراجعة القانون الأساسي لأعوان الأمن، وملف إعادة تحضير برامج التكوين المتواصل لأعوان الأمن، وكذلك تطوير الدعم اللوجيستيكي المتعدد الأوجه، و»بعد هذا حددنا الأهداف مع فريق العمل في الموارد البشرية والتكوين، وقررنا تحديد مدونة أخلاقيات مهنة الشرطة«. وفي سياق متصل، أضاف المدير العام للأمن الوطني أنه فور مجيئه على رأس الأمن الوطني جعل من مراجعة القانون الأساسي للشرطة أولوية، وذلك ليس من أجل التعجيل بتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية لرجال الشرطة فحسب، بل من أجل إرساء قواعد عصرية ومتخصصة للشرطة التي انتقل عدد عناصرها من 50 ألف عنصر بداية التسعينيات إلى 170 ألف عون في 2010، كما تقرر إنشاء 5 لجان عمل على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني لتصحيح الجانب التنظيمي والوظيفي، والعمل على صياغة مدونة أخلاقيات المهنة. واعتبر نفس المسؤول أن القانون الأساسي الساري والذي يعود إلى سنة1991 لم يعد يستجيب لمتطلبات شرطة محترفة »في ظرف يشهد فيه بلدنا تطورات على مختلف الأصعدة، حيث أن هذا القانون الجديد يتضمن إجراءات مجددة من خلال إدراج فروع موحدة لمختلف أسلاك الشرطة، من أجل التأكيد على سلسلة التسيير وقواعد الانضباط والمسؤولية على كل المستويات، من خلال تحديد دقيق للمهام والأدوار«، وأعلن هامل في هذا السياق عن إدخال رتب جديدة في سلك الأمن من أجل إضفاء تناسق أحسن ووضع إطار أكثر فعالية لعناصر الشرطة. وتضمن القانون الأساسي للشرطة وفق ما صرح به اللواء عبد الغني هامل، تمديد مدة تكوين أعوان الأمن العمومي والضباط إلى سنتين، فيما تم وضع شرط السنة الثالثة نهائي كأدنى مستوى للالتحاق بجهاز الشرطة، كما يضمن القانون تحديد حقوق وواجبات الشرطة، بالإضافة إلى حماية الأعوان من كل الضغوطات. من جهة أخرى أكد نفس المتحدث أن النص الجديد يتضمن نظاما جديدا للتقييم من أجل التمكن من تشجيع الكفاءات وأحسن العناصر، بالإضافة إلى نظام تكويني ملائم، يقوم أساسا على تحسين وتطوير الكفاءات، خاصة الرفع من شروط التوظيف ورفع مدة التكوين، واعتبر أن القانون الجديد سيمكن من تحسين الوضعية الاجتماعية والمادية لمستخدمي الشرطة وتعزيز مهامها، مضيفا أن هذا النص يتطرق إلى خصوصيات مهنة الشرطة، بالإضافة إلى تضمنه نظام تعويضات متساو، باحتوائه لمختلف الصعوبات والعراقيل. وفي رده عن السؤال المتعلق بالزيادات في أجور مستخدمي السلك، أوضح هامل أن الزيادة الهامة التي يستفيد منها مستخدمو الشرطة تقدر ب 50 بالمائة، مضيفا أن هذه الزيادة ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من جانفي 2011 وبأثر رجعي ابتداء من جانفي 2008. وبالنسبة لهامل، فإن القانون الأساسي قد اعترف ولأول مرة بخصوصية المهنة، وقد تم تحديد منح خاصة بالمردودية، الخطر، الوظيفة ومنطقة العمل. وبخصوص الحركة التي أجراها مؤخرا في سلك رؤساء الأمن للولايات والدوائر أكد المدير العام للأمن الوطني أن هذه الحركة تمت على أساس ثلاثة معايير، وهي السن والمستوى التعليمي العام ومدة الإقامة في المنصب، مشيرا إلى أنه يشجع الكفاءة والشباب، فمن غير المعقول أن يكون سن رئيس أمن الولاية فوق الخمسين على حد تعبيره. وعن تواجد المرأة في سلك الشرطة قال المسؤول الأول للأمن الوطني أن نسبة تواجدها تقدر ب 8.04 بالمائة، أي بحوالي 14000 امرأة موظفة في الشرطة، مؤكدا أن الأمن الوطني يؤمن إيمانا راسخا بالدور الذي يمكن للمرأة أن تلعبه في صفوفه. وفي رده على سؤال حول وجود حالات فساد في الشرطة، أشار اللواء هامل أنه منذ تنصيبه لم يلاحظ الفساد على مستوى هيئته، باستثناء حالتين، حيث تمت معاقبتهم بشدة وأحيلوا على العدالة، وأكد أن كل ما تعلق بالمخالفات الإدارية فهي تعالج وفق لجنة متساوية الأعضاء، فيما تحال القضايا ذات الطابع الجزائي على العدالة. واغتنم مسؤول الأمن الفرصة ليطلب من رجال الشرطة أداء مهامهم بكرامة والابتعاد عن الانحرافات والانزلاقات. وفي حديثه عن الإجرام، قال هامل إن الإجرام المهيمن اليوم هو سرقة السيارات، المخدرات، تزوير النقود، النصب، الرشوة والإجرام المعلوماتي، بالإضافة إلى تحويل الأموال إلى الخارج، وقال »هنا يجب أن نشير إلى دور الشرطة العلمية التي عرفت تطورا كبيرا بالجزائر لا سيما فيما يتعلق بمواجهة الإجرام المعلوماتي لمساعدة العدالة من الوصول إلى أدلة مادية. هذا الإجرام الذي انخفض بنسبة 30 بالمائة مقارنة بالسنوات الفارطة، يبقى موجودا، وعليه فقد استوردنا أجهزة حديثة للتصدي لهذا الإجرام ومواجهة هذه التهديدات الأمنية«. وفي سياق متصل أكد هامل، أنه بالنسبة للإجرام العادي، »فإننا بصدد مواجهة الإجرام الصغير والمتوسط الذي يولد لدى المواطن شعور باللاأمن، ويقلص من عمل الدولة ومجهوداتها، أما الإجرام المنظم فقد رصدت له إمكانيات كبيرة«. وفيما يخص الاعتداءات على الأشخاص وممتلكاتهم فيجب مد الجسور بين الشرطة والمجتمع المدني، في وقت لا يوجد فيه أي تأخر في التدخل، والعيب كثيرا ما يكون في تأخر وصول المعلومة في الوقت المناسب. وبعد أن أشار إلى أن الشرطة مجهّزة بقدر الكفاية لمواجهة مختلف أشكال الإجرام، اعتبر أن الإجراء الأكثر فعالية لضمان أمن المواطنين هو الشرطة الجوارية التي قال »إننا نثمنها ونشجعها«، وفي هذا السياق دعا المواطنين إلى المشاركة في جهد الأمن والاندماج أكثر في تسيير أحيائهم. وبخصوص التعليمات التي أعطاها حول ضرورة ارتداء الزي الرسمي للشرطة، أكد المدير العام للأمن الوطني، أن الزي الرسمي يمثل سلطة الدولة والقوة العمومية وتسجل الانتماء إلى سلك يخضع لتسلسل هرمي ومنضبط يمكن خاصة من التعرف على رجال الشرطة وتحميلهم المسؤولية. وأخيرا قال هامل »لا أريد أن أفرض نظاما عسكريا، ولكن يجب أولا إعادة تنظيم وتحسين طرق العمل«.