لم تجد حنون سندا تتكئ عليه، بعد أن فقدت كل وسائل الدعم والإسناد، فلجأت إلى المجاهدين، علها تجد لديهم ما يوفر لها الحماية، وهي التي تبحث عن " مظلة" تقيها... بعد أن ضاعت منها "المظلات" التي كانت تمنح لها الظلال الوارفة. راحت لويزة حنون تذرف دموع التماسيح على المجاهدين، بما يوحي بأنهم مستهدفون وأنهم يتعرضون للتهجمات، أي أنهم بحاجة إلى من يحميهم ويدافع عنهم، هكذا يفهم من تلك "المرافعة" التي قامت بها زعيمة حزب العمال، التي تطوعت، مشكورة، لنجدة مجاهدينا وحمايتهم من النيران التي تحاصرهم، وفوق هذا مواجهة المعتدين الآثمين، الذين لم يحترموا جهاد المجاهدين. لقد تقمصت زعيمة حزب العمال دور المحامية في قضية وهمية، حيث أنه ليس هناك شكوى ولا ادعاء، لم نسمع أن جهة ما تناولت المجاهدين بما يسيء إلى كرامتهم أو جهادهم، ولذلك لنا أن نتساءل: ما الذي حرك حنون ودفعها بكل ذلك الحماس، حتى احمرت فيها الأوداج، فكلفت نفسها بالدفاع عن المجاهدين، وكأن هؤلاء، وهم المحترمون والأكرمون اليوم وغدا، عاجزون عن القيام بالمهمة، في حال تعرضهم إلى ما لا يليق بهم، مع العلم بأنه لا أحد يتجرأ على النيل من جهادهم أو المساس بكرامتهم. ربما، يكون قد غاب عن لويزة حنون وعن الذين يحركون الخيوط من وراء الستار بأن المجاهدين، سواء كانوا في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني أو في غيره، يحظون بالاحترام والتبجيل، هذا ما نؤمن به ولن نحيد عنه، لأن مجاهدينا الأبطال هم فخرنا الوطني، الذي لن نفرط فيه أبدا. وليس هناك ما يوحي، لا تصريحا ولا تلميحا، بأن هناك أزمة بين حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين، حتى تكلف حنون نفسها بما هي ليست أهلا له، خاصة وأن تصريحات قيادة الحزب وبيانات التأييد للأمين العام الصادرة عن القاعدة النضالية، بعد رسالة ما يسمى " مجموعة 14" وكذا المقالات المنشورة في هذه الصحيفة، كانت كلها حريصة على إبداء التقدير الكبير للمجاهدين، من منظور أنهم ذخر الجزائر النفيس والعلامة الناصعة التي ترمز إلى النصر المبين في ثورة نوفمبر المجيدة. وربما، يكون قد غاب عن لويزة حنون أن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يخوضان معركة مشتركة، أساسها حماية الاستقلال الوطني وصيانة سيادة الدولة الجزائرية والوحدة الوطنية، هذه الركائز التي قامت عليها ثورة التحرير المجيدة وقدم من أجلها المجاهدون بقيادة جبهة التحرير الوطني تضحيات جليلة، وهم اليوم في الطليعة لتأمين الاستقلال والسيادة ووحدة الشعب والوطن. وقد كان على زعيمة حزب العمال أن تدرك بأنها لن تحصد إلا الشوك، ذلك أن المعركة المشتركة، التي كانت بالأمس يواصل حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدون خوضها اليوم، بنفس العزيمة والإصرار، وبالتالي فإن العلاقة بينهما لن تؤثر فيها زوابع مصنوعة أو حملات معزولة، كما أن المحاولات اليائسة، التي تدعي، من خلال تسريبات مشبوهة، أن حزب جبهة التحرير الوطني يعادي المجاهدين وأن هناك حالة من العداء بين الطرفين، مردود عليها ولا أساس لها من الصحة: أولا: إن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يرتبطان بتاريخ مجيد وهما مسؤولان بصفة مباشرة على مواجهة كل من يسعى إلى قطع الصلة بثورة نوفمبر وتشويه صانعيها من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال، ومن هذا المنطلق فإن حزب جبهة التحرير الوطني يقف دوما في الطليعة لتجسيد رسالة الشهداء وصون كرامة المجاهدين. ثانيا: إن المهمة المشتركة بين حزب جبهة التحرير الوطني وكل مكونات الأسرة الثورية هي التصدي لكل من يعطي لنفسه الحق في طعن الثورة ومجاهديها والمساس برموزها والاعتداء على عناوينها والاجتراء على المقدسات والإصرار على هتك الهوية وكل ما من شأنه أن يدفع الأجيال للتشكيك في ثورة بلادهم والتساؤل عن جدوى جهاد رجال وتضحيات شعب. لذلك كله، نؤكد مجددا بأنه لا صراع ولا خلاف بين حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين، خاصة وأنهما يرتبطان بوشائج قوية وتجمع بينهما قواسم مشتركة ويلتقيان في القضايا الوطنية الكبرى والمصيرية، ولذا فلا مجال للاصطياد فيما هو غير صالح للصيد، خاصة وأن المياه صافية لا ولن يكدرها حديث زائف أو سلوك معزول أو دموع كاذبة. نعود إلى السؤال: من أساء للمجاهدين يا حنون إننا ندعوك إلى عدم التدخل بين الظفر ولحمه، لأن الجهاد منا ونحن منه، ولأن المجد لمجاهدينا الأخيار، الذين نرفع لهم في كل حين آيات التجلة، تقديرا واحتراما وعرفانا.