التزمت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، على لسان عدد من المسؤولين المركزيين، برفع انشغالات ممثلي الشباب البطّال الذين اعتصموا أمس بالعشرات أمام مقر الوزارة، إلى السلطات العليا من أجل النظر فيها، على أن تُبلغهم في وقت لاحق بالنتائج التي توصلت إليها، فيما هدّد المُحتجون بمعاودة الاعتصام قريبا في حال لم تتم الاستجابة إلى لائحة مطالبهم. نفذت التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين تهديداته بتنظيم اعتصام أمام مقر وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مما استدعى تدخل مصالح الأمن التي طوّقت المكان وحاولت في البداية تفريق الشباب المُحتجين الذين قدموا من عدة ولايات للمطالبة بالتكفل بهم، وبدا من خلال الشعارات التي رفعها هؤلاء استنكارهم الواضح لأساليب البيروقراطية والمحسوبية التي تُعتمد، حسبهم، في التوظيف على كافة المستويات. ورغم اضطرارها إلى توقيف عدد من المحتجين، فإن مصالح الأمن التي عزّزت تواجدها منذ الساعات الأولى ليوم أمس بالقرب من حي »بلكور« الشعبي حرصت على التعامل بهدوء مع البطالين الغاضبين، وهو الأمر الذي لم يكن كافيا ليضمن عدم وقوع بعض التطورات الخطيرة التي دفعت أحد الشباب، في حدود الساعة الواحدة ظهرا، إلى حدّ إحضار دلو مملوء بالبنزين مهدّدا بإضرام النار في جسده، ما أحدث حالة استنفار قصوى دفعت بالمحتجين ومصالح الأمن إلى التدخل الفوري ومنعه من الانتحار أمام أسوار الوزارة. وقبل كل هذه التطورات فإن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، الطيب لوح، الذي كان أمس في اجتماع وزاري مشترك بمقر الوزارة الأولى، حرص على تكليف عدد من المسؤولين باستقبال ممثلي الشباب البطّال والحديث إليهم، وهو ما تمّ فعلا حيث عقد المدير العام للتشغيل بالوزارة، سعيد عنان، ومدير العلاقات العامة، أحمد بوربية، إضافة إلى مسؤول آخر في مفتشية العمل، جلسة حوار مع ممثلي ما يسمى ب »التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين« لمناقشة لائحة مطالبهم وانشغالاتهم. وعلى الرغم من أن مصالح وزارة العمل والتشغيل أوضحت لممثلي المحتجين بأن مطالبهم لا تقع كلها في دائرة اختصاصها، فإن المدير العام للتشغيل اعتبر أن هذه المطالب »مشروعة ومعقولة«، ملتزما من جهة أخرى برفع ها إلى الجهات العليا والعمل على حلها بالطرق التي سيتم ضبطها لاحقا، ولذلك فقد اتفق الطرفان على عقد لقاءات أخرى في الأيام المقبلة بناء على ما سيحصل من مستجدات. ومن جانب أكد البطالون المحتجون أن مطالبهم الأساسية تكمن في »القضاء على المحسوبية والرشوة التي تتمادى وكالات التشغيل في ارتكابها«، منددين بما وصفوه ب »الظلم والاستغلال الممارس من قبل مافيا التشغيل«، ولم يستثنوا حتى شركات المناولة التي ترفض، حسب تصريحات ممثل عن شباب الجنوب، تشغيل أبناء المنطقة، كما طالب هؤلاء ب »منع تسريح أي عامل لأسباب اقتصادية مزعومة«، مقابل »ترسيم كل العاملين المتعاقدين في إطار عقود ما قبل التشغيل«. وردّا على حضور نائب من »الأرسيدي« إلى عين المكان، أوضح ممثل الشباب المحتجين أنهم يرفضون أن »تُستغل تنسيقيتنا لأغراض سياسية«، وخصّ بالذكر »أن يكون ذلك من قبل أي أحزاب سياسية تريد الاستثمار في مطالبنا«، وأشار إلى أن التنسيقية كانت تنوي تنظيم حركات احتجاجية قبل اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في تونس، مؤكدا أنها تراجعت تحت مبرّر »حتى لا يتهموننا بالفوضى أو العمل لصالح جهات أخرى«، وأضاف أن »الوقت قد حان للتنديد بالوضعية التي نعيشها وسننتظر رد الوزارة«.