تواصل تدفق الهاربين من ليبيا بالآلاف على مركز راس جدير على الحدود الليبية التونسية. وشهد هذا المركز ازدحاما كبيرا، وعمت فيه الفوضى نتيجة وصول أعداد كبيرة من النازحين. ودقت منظمات إنسانية ناقوس الخطر، وقالت إن الوضع مرشح للتفاقم إذا لم يتحرك المجتمع الدولي. فقد حذرت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين أول أمس من أن الوضع على الحدود الليبية التونسية وصل »حد الأزمة«، حيث تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين إلى معبر راس جدير الحدودي مع تونس منذ اندلاع الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي قبل أسبوعين. وقال المسؤول الإعلامي للمفوضية فراس كيال إن تونس تستقبل يوميا ما بين 10 و12 ألف شخص يفرّون من ليبيا بسبب الظروف هناك. وأضاف أن نحو 75 ألفا فروا من ليبيا منذ اندلاع الأزمة، وقد دخل نحو 14 ألفا يوم الإثنين وحده، وما زال هناك عشرون ألفا على الجانب الليبي، مؤكدا أنه تم تقديم الخدمات اللازمة ولكن الوضع وصل إلى حده الأقصى. وفي ظل تدهور الأوضاع الإنسانية للنازحين الناجمة عن الصراع الليبي، بدأت الدول تحث الخطى لإجلاء رعاياها من هناك. وقالت مصادر في منطقة بن قردان الحدودية إن مصر أرسلت سفينة لنقل ألف مصري، وتعتزم السفارة المصرية استئجار سفينة تونسية، غير أن تلك الجهود تبقى محدودة لأن الطاقة الاستيعابية لهذه البواخر محدودة جدا. ومن المتوقع أن تصل 13 طائرة مصرية إلى مطار جربة لنقل نحو ثلاثة آلاف مصري. وذكرت إيطاليا أول أمس الثلاثاء أنها سترسل بعثة إنسانية إلى تونس لتقديم معونات غذائية وطبية لنحو 10 آلاف نازح فروا من ليبيا. وقالت مصادر إن أفرادا من حرس الحدود التونسي أطلقوا النار في الهواء يوم الثلاثاء، في محاولة للسيطرة على حشد من النازحين أثناء محاولتهم العبور من معبر راس جدير الحدودي. ويسمح حرس الحدود للقادمين بالمرور من المعبر، لكنه لا يتمكن من إنهاء الإجراءات بالسرعة الكافية لمواكبة الأعداد المتزايدة. فقد حاول البعض تسلق الجدار الفاصل بين الحدود التونسية والليبية مما دفع الحراس إلى ضربهم بالعصي ثم إطلاق النار بصورة متكررة في الهواء، وأصيب على إثر ذلك نحو ثلاثة أشخاص. ومن جانبه، قال البيت الأبيض الأمريكي إن هناك سفينتين برمائيتين توقع عبورهما قناة السويس على البحر الأحمر أمس استعدادا للقيام بعمليات إنسانية، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يستبعد أي خيارات أخرى. وقالت كندا إنها سترسل فرقاطة إلى البحر الأبيض المتوسط للمساعدة في جهود إجلاء رعاياها من ليبيا. وكان من المقرر أن تبحر الفرقاطة التي تحمل مروحية على متنها أمس من ميناء هاليفاكس، حسبما ذكرت تقارير إعلامية كندية. وفي موسكو أعلنت وزارة الخارجية الروسية أول أمس أنها أكملت عملية إجلاء مواطنيها من ليبيا ورعايا دول أخرى متعاقدين مع الشركات الروسية العاملة هناك. ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان للخارجية أن الطائرات التابعة لوزارة الطوارئ الروسية أجرت سبع رحلات من مطاري طرابلس وسرت إلى موسكو، وبلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذين تم إجلاؤهم عبر الجسور الجوية 653 شخصا بينهم 511 مواطنا روسيا. وأشارت إلى أن سفينة القديس ستيفانوف الثاني الروسية أجلت الاثنين الماضي 397 مواطنا أجنبيا من ميناء راس لانوف -بينهم 126 روسيا- وأوصلتهم إلى جزيرة مالطا، حيث تنتظرهم طائرة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية لتنقلهم إلى موسكو. وفي مؤتمر صحفي بالقاهرة، أكد مسؤول مصري الإثنين الماضي أن إجمالي عدد المصريين الذين عادوا إلى البلاد عبر البر والبحر والجو بلغ 90.5 ألفا. وقال السفير محمد عبد الحكم مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج، أن مصر تعد أكبر دولة قامت بعملية إجلاء لرعاياها في ليبيا. وكانت الصين قد أعلنت أيضا أنها أجلت »أغلبية« مواطنيها من ليبيا، وتعتزم استخدام طائرات عسكرية أو طائرات أجنبية لإجلاء باقي مواطنيها الذين يبلغ عددهم ثلاثة آلاف مواطن. وقالت الوزارة إن نحو تسعة آلاف صيني عادوا بالفعل إلى البلاد من ليبيا، وإن قرابة 21 ألفا آخرين في دول أخرى ينتظرون موعد عودتهم. ومن ناحيته، قال الاتحاد الأوروبي إن معظم مواطني دوله البالغ عددهم عشرة آلاف شخص غادروا ليبيا، لكن ما يزال هناك 650 آخرون طلبوا إجلاءهم.