توقعت مصادر موثوقة أن يتم الإعلان عن التفاصيل الكاملة لمشروع إنجاز مصنع للسيارات للشركة الفرنسية »رونو« أواخر الشهر الحالي، وأكدت أن الجانبين يعملان في هذا الاتجاه بعدما تمّ الاتفاق على كافة الجوانب المتعلقة بهذا المشروع الذي إن تحقّق سيكون الأول في الجزائر. وسيستفيد الشريك الفرنسي من الكثير من الامتيازات بما فيها منح الاستثناء في القروض الاستهلاكية للسيارات المصنعة محلّيا. ذكرت مصادر مقربة من ملف المفاوضات الجارية بين الحكومة الجزائرية وممثلي الشركة الفرنسية »رونو«، أن الطرفين توصلا إلى توافق في الكثير من المسائل ذات الصلة بموضوع فتح مصنع للسيارات لهذا المتعامل، وأكثر من ذلك فإنها تحدّثت عن التوصل إلى اتفاق مبدئي للشروع عمليا في تجسيد هذا المشروع بعد أن يتم الإعلان عن تفاصيله الكاملة قريبا. إلى ذلك تُشير التوقعات إلى أن المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، »جان بيار رافاران«، يُريد الإعلان عن تفاصيل هذا المشروع بمناسبة احتضان الجزائر لمنتدى رجال الأعمال الجزائري-الفرنسي، المرتقب أن ينعقد بين 29 و31 من شهر ماي الحالي، وهو ما تزامن مع الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، محمد بن مرادي، الذي منح الجانب الفرنسي الضوء الأخضر من أجل الكشف عن الجوانب التقنية للمصنع. وحسب ما علم من ذات الجهات فإن الجزائر رفضت بشكل قطعي بعض الشروط التي حاول الفرنسيون فرضها من قبيل المطالبة بإصدار قرار حكومي يوقف نهائيا عمليات استيراد السيارات بما يفتح باب الاحتكار لشركة »رونو«. لكن مقابل ذلك التزمت الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة بمنح تسهيلات وامتيازات نظير تجسيد هذا المشروع وعلى رأسها إعادة العمل بالقروض الاستهلاكية التي تقرّر توقيفها منذ 2009. وإذا صدقت المعلومات التي أوردتها مصادرنا فإن الاتفاق بين الجزائر وممثلي »رونو« ينصّ أساسا على تصنيع المركبات التجارية مع المحافظة على العلامة الأصلية، وتطوير هيكل السيارات محليا، إلى جانب ضمان التأهيل والتكوين واعتماد شبكة مناولة واسعة، وغيرها من النقاط التي تسمح بإقامة مشروع واسع النطاق من التركيب التقليدي. وبموجب ذلك سيستفيد الطرف الفرنسي من مزايا السوق من خلال تسويق ما لا يقل عن 50 ألف وحدة سنويا، وبطاقة إنتاجية لا تقل عن 50 بالمائة. وبحسب الاتفاق كذلك فإن الشركة الفرنسية »رونو« تلتزم نتيجة هذه التسهيلات ببناء شبكة وطنية داخلية بما يسمح سمح بخلق يد عاملة وخلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة، بالإضافة إلى ضمان ونقل الخبرة والتجربة، والتدريب الكافي لليد العاملة الجزائرية. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحدّ لأن »رونو« ستستفيد من حق الامتياز بنسبة 51 بالمائة، مقابل 49 بالمائة للشركة الوطنية للسيارات الصناعية، بخلاف ما ينصّ عليه القانون عندما يتعلق الأمر باستثمارات الشركات الأجنبية، وبرّرت مصادرنا هذا »التنازل« بما أسمته »الطبيعة الإستراتيجية للمشروع«. وكان محمد بن مرادي قد أوضح خلال آخر زيارة لمبعوث ساركوزي إلى الجزائر في إجابته عن سؤال يتعلق بمطالب الحكومة في إطار المفاوضات مع الشركة الفرنسية، قائلا: »إننا نُطالب بأن لا يكون المشروع عبارة فقط عن مصنع للتركيب وإنما مصنعا حقيقيا لتصنيع السيارات مع نسبة اندماج تدريجي تسمح للمناولة الجزائرية بالمشاركة في المشروع«، ليُضيف في هذا السياق: »إننا نطلب أيضا من الشريك الأجنبي أن يلتزم معنا ماليا في الاستثمار، وأن لا يسهم فقط بالاسم والعلامة التجارية وإنما نريده أن يكون شريكا حقيقيا«. كما سبق للوزير أن صرّح بأن »تفاصيل هذا الاستثمار لم يتم تحديدها بعد إلا أن المبدأ المتفق عليه خلال محادثات الجانبين هو التوصل إلى إنتاج 75 ألف سيارة خاصة سنويا تشمل ثلاثة أو أربعة أنواع«، مشيرا إلى المحادثات تركزت على أنه »يتم في مرحلة أولى إنشاء مصنع للتركيب يتبع في المرحلة الثانية بتصنيع سيارات بنسبة اندماج للصناعة الوطنية تقدر ب 40 بالمائة تمتد على أربع سنوات«، وأورد حينها أنه »في حالة ما إذا نجحت المفاوضات فإن المصنع سيتم إقامته في مواقع الشركة الوطنية للسيارات الصناعية«.