أبدى خبراء اقتصاديون رفضهم للفكرة التي أطلقها وزير الطاقة المناجم شكيب خليل قبل أسابيع حين توقع أن توجه الجزائر إلى إنشاء صناديق سيادية موجهة لتمويل الاستثمارات في الخارج في غضون السنوات الأربعة المقبلة، وحذر الخبراء من الأخطار العالية التي ستواجه احتياطات هذه الصناديق في وقت تحتاج فيه الجزائر إلى تعزيز الاستثمارات في الداخل من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص شغل جديدة وتعزيز البنية التحتية والاجتماعية للبلاد. وصف محافظ الحسابات جمال جراد موقف وزير المالية كريم جودي الرافض لفكرة إنشاء صناديق سيادية في الجزائر مستقبلا مثلما هو سائد في دول الخليج "بالحكيم جدا" موضحا أن "الجزائر ليست كدول الخليج، لأنها بحاجة إلى كل مواردها لاستثمارها في الداخل"، و في وقت بدأت فيه هذه الفكرة تطفو إلى السطح في بعض الأوساط المالية بعد الطفرة المالية التي تعرفها الخزينة العمومية، المتأتية أساسا من عائدات النفط التي تعرف أسعار قياسية في الآونة الأخيرة، قال خبير الحسابات في ندوة نشطها في فوروم المجاهد إلى جانب عدد من الخبراء الاقتصاديين حول هذا الموضوع أنه "لا يمكن إجراء إسقاط تجربة دول الخليج التي تعرف بها الصناديق السيادية انتشارا واسعا على الجزائر بالنظر إلى الفرق الشاسع الموجود بين الجزائر ودول الخليج سواء من حيث عدد سكانها أو وضعية اقتصادها"، وأوضح جراد أن الجزائر في الوقت الراهن بحاجة ماسة إلى تطوير اقتصادها وتكوين الشباب وبالتالي فهي بحاجة إلى كل مواردها لاستثمارها في الداخل وعدم المخاطرة بها في الخارج. وعلى العكس تمام من موقف وزير الطاقة والمناجم الذي وصف خيار اتخاذ الصناديق السيادية ب "الايجابي" في حوار أجراه نهاية الشهر الماضي مع قناة "فرانس 24" الإخبارية، أيد الخبراء الاقتصاديون تحليل وزير المالية في هذا الموضوع حيث أظهروا حجم الخطر الذي تواجهها احتياطات الدولة في حال استثمارها في هذه الصناديق، حيث أوضح مدير عام بورصة الجزائر أكد أن إنشاء صندوق سيادي على غرار بعض البلدان المصدرة للنفط، لا يعتبر الحل الأمثل لتسيير احتياطي الصرف لأنه مرفوق أيضا ب "عناصر أخطار"، وفي هذا السياق ذكر أن الأزمة المالية الدولية التي نجمت عن القروض الرهنية ذات الخطر العالي مست بصفة مباشرة أو غير مباشرة المجمعات البنكية الدولية بينما تتوجه "الصناديق السيادية عموما نحو الأصول ذات الأخطار العالية"، وطرح ذات المتحدث إلى عدم امتلاك الجزائر إلى خبرة في مجال تسيير الصناديق السيادية حين تساءل قائلا كيف يمكن للجزائر أن تسير هذه الصناديق في وقت تجد فيه صعوبات في تسيير البورصة. ومن جهتها اقترحت إينال مريم أستاذة في الاقتصاد بجامعة الجزائر أشكال أخرى أكثر أمنا ونجاعة اقتصادية للاستثمار في الخارج يمكنها أن تكون بديلا ناجحا عن هذه الصناديق من خلال توسيع دائرة استثمارات مماثلة لتلك التي تقوم بها شركة سوناطراك الدولية إلى شركات عمومية أخرى على غرار الخطوط الجوية الجزائرية التي تملك إمكانيات شراء حصص في شركات طياران إفريقية، حسب الخبيرة التي أكدت أن الجزائر تملك مؤهلات مالية إيجابية وتعرف صناديق الاستثمار السيادية بأنها صناديق تضخ فيها الأموال الفائضة عن ميزانية الدولة، حيث كان وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل قد صرح مؤخرا في رده على سؤال حول إن كانت الجزائر ستختار على غرار دول الخليج إنشاء هذه الصناديق أنه "في غضون 4 أو 5 سنوات قد تكون هناك فرص لإنشاء صناديق سيادية لتمويل النشاطات بالخارج"، واعتبر أن إنشاء هذا النوع من الصناديق يتطلب دراسة معمقة وأنها "فكرة يجب التمعن فيها لأنه يجب توفر الوسائل والموارد البشرية وإقامة شراكات لمحاولة تقرير كيف وأين نستثمر إن قمنا بذلك في الخارج".