من يقود المعارضة في ليبيا هم أقرب مساعدي القذافي الذين قضوا سنوات طويلة في تثبيت أركان حكمه، وسواء تعلق الأمر بالقادة العسكريين أو السياسيين في المجلس الانتقالي فإن الكلمة تعود في النهاية إلى أولئك الذين أحسنوا لعبة تغيير المواقع في اللحظة التي رأوها حاسمة، وفي سوريا أيضا يريد عبد الحليم خدام أن يكون زعيما للمعارضة وبديلا عن الرئيس السوري بشار الأسد، ويريد من خدم نظام الأسد لسنوات طويلة، ويتحمل مسؤولية الأخطاء الفادحة والجرائم التي ارتكبت في عهده، أن يمحو ماضيه غير المشرف بمجرد إعلانه الانضمام إلى المعارضة. هذه الفئة من طلاب السلطة لا تستند على الشعوب التي تتحدث باسمها بل تقدم عرض خدمة للخارج وتنتظر رد الفعل، وكانت المعارضة العراقية سباقة إلى هذا الأسلوب في اقتناص السلطة، فقد اكتشف العالم أن المعارضة التي كان الكونغرس الأمريكي يمولها، وترعاها الاستخبارات الأمريكية ليست إلا زمرة من المنتفعين الذين تحركهم أطماع وأحقاد شخصية، ولم يكن غريبا أن يتحول العراق إلى مجرد مناطق نفوذ تتقاسمها أمريكا وإيران حيث يبقى ولاء المعارضين للجهات التي رعتهم وقدمت لهم المأوى والمال. اليوم يلعب جزء من المعارضة الليبية هذا الدور بكل حماس، ويسعى عبد الحليم خدام ومن رضوا بالتعامل معه إلى لعب نفس الدور في سوريا، وليس غريبا أن نجد حمى المجالس الانتقالية تنتقل من بلد عربي إلى آخر، فالنموذج واحد من حيث المصدر والهدف أيضا، ولنا أن نتوقع أن النتيجة ستكون واحدة، ففي الغرب يستكثرون على ليبيا أن تكون موحدة، وهم موقنون أن الفوضى يمكن أن تكون مدخلا لتفتيت سوريا بدعاوى الطائفية، وسيكون تعميم النموذج العراقي أكبر نجاح للولايات المتحدة في وقت فيه الجميع بأن هزيمتها محققة. ما الذي يمكن أن يحققه الشعب في سوريا أو ليبيا عندما يتم تعويض الحاكم بمساعده الذي انشق عنه، وأي ديمقراطية هذه التي يرسي دعائمها من ثبت أركان الديكتاتورية؟، قد يغير رجال السياسة مواقعهم تبعا لحساباتهم ولضرورات المرحلة لكن القناعات والأفكار لا تتغير بهذه السهولة، ومن كان داعية دكتاتورية لا يصلح مبشرا بالديمقراطية، بل هو أقرب أن يكون إلى بائع وطن بكرسي حكم لن يدوم له.