كشفت وثيقة للبيت الأبيض الأمريكي وقّعها الرئيس باراك أوباما، أول أمس، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نقل قيادته من الجزائر التي تأسس بها إلى شمال مالي، مما يعني أن جهود الجزائر في مكافحة الإرهاب نجحت في دحر الإرهابيين وإجبارهم على النزوح إلى خارج الحدود. الوثيقة الإطار التي تحدد الإستراتيجية الأمريكية في مكافحة تنظيم القاعدة وفروعه، تشير بصريح العبارة إلى الدور الجزائري الفعّال في مكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي أجبر تحت الضربات الموجعة لقوات الجيش الوطني الشعبي واستغلال المعلومات الاستخباراتية وتفكيك القواعد الخلفية وجماعات الدعم والإسناد، على النزوح نحو الجنوب والاستقرار بشمال مالي، مستغلا الثغرات المتاحة هناك لبعث نشاطه الإجرامي ضد دول المنطقة والمصالح الغربية، سيما عن طريق الخطف والحصول على فديات لتمويل أنشطته، زيادة على ربط تحالفات مع تجار المخدرات والمهربين. وتعترف الوثيقة الأمريكية بضعف قدرات دول الساحل في مكافحة الإرهاب، وهي النقطة التي استغلها التنظيم الإرهابي في تدريب مقاتلين وتجنيد عناصر جديدة من دول الساحل الصحراوي، واستمال تنظيمات أخرى منها تنظيم »بوكو حرام« بنيجريا المرتبط حاليا عضويا بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ويعتبر أحد فروعه. وأشارت وثيقة البيت الأبيض التي وضعت القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي كأحد أهم أهدافها لما تشكله من خطر على الصالح الأمريكية خصوصا والغربية عموما، أن التنظيم محل الذكر يسعى لاستغلال الاضطرابات واللاإاستقرار في شمال إفريقيا للحصول على أسلحة، في إشارة إلى ما تشهده ليبيا من نزاع مسلّح وتفكك مؤسسات الدولة، مما جعل السلاح يتبعثر. ويأتي الموقف الأمريكي ليؤكد صحة ودقة المخاوف التي رفعتها الجزائر مباشرة بعد انزلاق الوضع في ليبيا نحو العنف المسلح، حيث أثبتت تقارير استخباراتية حصول تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على كميات هائلة من الأسلحة، من بينها صواريخ وآليات حربية فتّاكة. ومن هنا تشير الوثيقة بوضوح إلى دعم الولاياتالمتحدة من خلال إستراتيجيتها إلى دعم الجزائر ودول الساحل في حربها ضد التنظيم، مبرزة أن جهود التعاون والتنسيق الأمني والعسكري التي تقودها الجزائر مع دول الساحل، وبالأخص مالي وموريتانيا والنيجر، تجد كل الدعم والتأييد من قبل الإدارة الأمريكية. من جهة أخرى اعتبر الرئيس أوباما تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي خطرا على الأهداف الأمريكية، موضحا أن هذا الترتيب المسمى بالإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، الذي تضمنته الوثيقة محل الحديث، يؤسس للمسعى الذي انتهج من قبل الإدارة الأمريكية خلال السنتين الأخيرتين للوقاية من الهجمات الإرهابية وتوجيه ضربات مدمّرة للقاعدة. كما أكد البيت الأبيض أن الجهود من أجل مكافحة الإرهاب للولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يجب أن تدمج بصفة موثوقة في الإستراتيجية الإقليمية للولايات المتحدة، بحيث لن يتم القضاء على هذا التنظيم على المدى الطويل بالوسائل التقليدية لمكافحة الإرهاب فقط ولكن يجب العمل بنشاط للقضاء على تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وزعزعته وإضعافه وتفكيكه وهذا كمراحل منطقية تؤدي إلى انهزام المجموعة، مضيفا أنه في هذه الحالة ستستعمل الولاياتالمتحدة وسائلها الخاصة بمكافحة الإرهاب، مع الأخذ بعين الاعتبار تكاليف ومزايا هذا المسعى في سياق الحركية الإقليمية والتصورات والأعمال وقدرات شركائها في المنطقة من حكومات محلية وحلفاء أوروبيين. واعترف البيت الأبيض أن الإرهابيين يتحلون بالخفة وقدرة على التكيف وللقضاء عليهم ينبغي تطوير ومواصلة إستراتيجية أكثر تكيفا.