يرى محمد مقدم الكاتب والخبير في الشؤون الأمنية، أن فرنسا اختارت دعم التيار المتشدّد في ليبيا بقيادة القائد العسكري لطرابلس عبد الحكيم بلحاج ليخوض الحرب بدلها ضد الجزائر بعد استكمال جبهة ليبيا بالتنسيق مع ما يسمى بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قاطعا الشك باليقين بقوله »فرنسا تبنت جبهة الحرب الليبية بالأساس من أجل الوصول إلى الجزائر وتأجيج الوضع فيها«. ذكر مقدم خلال تنشيطه ندوة مركز البحوث الإستراتيجية والأمنية بعنوان »الإرهاب عبر الوطن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001«، أن الجزائر لا زالت بعيدة عن المعالجة النهائية لمشكلة الإرهاب بالرغم من بروزها بقوة كدولة رائدة في مكافحة هذه التيارات المخربة، مضيفا أن اقتصار المكافحة على الجانب الأمني دون التركيز على تجفيف منابع هذه التيارات والعمل على مراجعة مناهجها ومراجعها المتطرفة، يؤجل مرحلة الحسم إلى آجال غير معروفة، وخلص إلى أن الإرهاب منهج فكري وليس سياسي. وذهب مقدم إلى أبعد من ذلك حين اعتبر أن نمطية الآلة التي تنتج الإرهاب لا زالت قائمة، وتصاعدت مع لعب الشبكة العنكبوتية دورا مهما في تبليغ رسائل التطرف وتعميم وسائل التفجيرات، لكنه فضّل الإبقاء على عامل مهم قادر على تجفيف منابع الإرهاب ودحر فلوله وحتى دكّ مراجعه المتشدّدة، ترتكز بالأساس على المراجعة الفعلية للخطب المنبرية في المساجد ودعم أصحاب التيارات الإسلامية المعتدلة، فضلا عن محاربة أي حضور إعلامي قوي للجماعات الإرهابية مُحتمل، يستهدف من خلاله خاصة فئات الشباب والمراهقين بين 15 و18 سنة واستقطابهم للقيام بعمليات إجرامية. وفي سياق تحليله للوضع في ليبيا مع تسارع وتيرة الأحداث وبروز دور غربي تتقدمه فرنسا في إسقاط العقيد معمر القذافي، قال محمد مقدم أن الدور الفرنسي في ليبيا مخزي ومندفع أكثر من اللزوم، أذكاه الهرولة وراء المصالح ودعم ما أسماها »الديمقراطية العابرة للحدود« والتي لا تختلف كثيرا عن الاستعمار التقليدي، لكن الرابط المشترك بين أغلب الثورات العربية التي تزامنت واحتفال أمريكا بالذكرى العاشرة لتفجيرات 11 سبتمبر، هو وقوف أطراف أجنبية خلفها، سرعان ما انفضحت بقوة في المستنقع الليبي خاصة فرنسا. وتطرق الخبير، بحضور عدة سفراء ومسؤولين يتقدمهم السفير الأمريكي، إلى بروز خطاب سياسي في ليبيا الجديدة يظهر مدى التخبط وعدم القدرة على التحكم في الوضع، لاسيما بعد تصاعد قوة التيار المتشدد في السلطة على رأسهم قائد القوات العسكرية في طرابلس عبد الحكيم بلحاج، لكن مقدم يرسم قراءة أخرى لهذا الوضع، من خلال قيادة هذا بلحاج في المرحلة المقبلة تأجيج الوضع في الجزائر بالتنسيق مع ما يسمى بقاعدة المغرب الإسلامي في ليبيا، وبدعم قوي فرنسي. ونبه الخبير إلى أن درجة الخطر قائمة في ليبيا، مؤكدا أن المواجهة المقبلة ستكون بين الفصائل الليبية المتناحرة على السلطة، فضلا عن بروز مؤشرات بتصاعد دور تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، لاسيما من خلال تكفير بعض زعمائهم في المجلس الانتقالي الليبي ووصفهم بمجلس المرتدين، وهو ما ينبئ بأن الحرب الكبرى في المنطقة لم تنطلق بعد. وخلص الخبير إلى أن الجزائر تبقى الخاسر الأكبر مما يحدث في ليبيا، وتصاعد موجة المواقف المناهضة لها، متوقعا استمرار استهدافها بصفة متواصلة تنفيذا لمخطط أجندة يحاك بصفة مضبوطة.