عادت المغرب إلى أسليب الضغط عبر تحريك ما يمسى ب "جمعية المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر" والتي عقدت مؤتمرا لها مؤخرا وطالبت من السلطات الجزائرية الاعتذار الرسمي على طرد حوالي 45 ألف مغربي، حسب نفس الجمعية من الجزائر، وتعويضهم عما أسمته "ممتلكات تركوها في الجزائر وإهانات تعرضوا لها"، ويبدو أن الرباط التي تراهن هذه المرة على ملف "المرحلين" بعدما فشلت في تحقيق أي شيء عبر ملف "المغاربة المحتجزين في تندوف" حسب تعبير المغاربة. محمد الناصر تكاثرت جمعيات تدعي تمثيل "المغاربة المرحلين تعسفيا من الجزائر" كالطحالب في المغرب منذ مارس 2005، وبين مكناسوالرباط ومدن مغربية أخرى ضاعفت هذه الشريحة من لقاءاتها وتهديداتها بشكل يكشف عورة من يحركها ويبين بأن نظام المخزن يستعمل هذه الجمعيات كسلاح في حرب خفية يقوم بها ضد الجزائر بغية الضغط عليها وجعلها تقبل بالأمر الواقع الذي يريد المغرب فرضه في الصحراء الغربية تحت مسمى "الاستقلال الذاتي". وتعود هذه القضية حسب الجمعيات المغربية إلى سنة 1975، أي بعد شهر واحد من مسيرة العار التي يسميها المغاربة "المسيرة الخضراء" والتي سيرها الراحل الملك الحسن الثاني إلى الصحراء الغربية من أجل احتلالها، فحينها ردت السلطات الجزائرية، يؤكد المغاربة، على مسيرة الاحتلال ب "مسيرة سوداء" صادفت صبيحة العيد "حيث أرغم آلاف المغاربة على مغادرة الجزائر والعودة إلى المغرب"، ويدعي المغاربة أن المرحلين تعرضوا إلى الإهانة وأرغموا على ترك ممتلكاتهم، وتتحدث إحصائياتهم عن 45 ألف مغربي غادروا الجزائر في إطار هذه العملية. لقد عادت هذه الجمعيات في مؤتمرها الأخير إلى مطالبة السلطات الجزائرية بتقديم اعتذار رسمي للمرحلين من الجزائر، بل وتجرأت إلى حد المطالبة بتعويضهم عما تسميه هذه الجمعيات "ممتلكات تركوها بعد مغادرتهم الجزائر وتعرضهم للإهانة"، وتتهم هذه الجمعيات السلطات الجزائر بالقيام بممارسات غير إنسانية ضد المغاربة المرحّلين من الجزائر، ومن هذا المنطلق هددت في حال عدم تلقيها إجابة من السلطات الجزائرية ب "اللجوء إلى متابعة الجزائر قضائيا أمام المؤسسات القضائية الدولية". ويتناسى المغاربة أنه في مقابل هذه "المحنة" المفبركة من قبل نظام المخزن والتي يجري تضخيمها لأهداف سياسية معروفة، هناك محنة حقيقية لآلاف الجزائريين الذين ذاقوا كل أصناف التعذيب على أيدي النظام المغربي، ورحّلوا قسرا من المغرب وبشكل مهين لا يليق بالبشر وترك هؤلاء أملاكهم نهبها المغاربة أو صادرها النظام المغربي بلا رحمة ولا شفقة، فقبل أن يطالب المغاربة بأي حق يدّعون بأن السلطات الجزائرية سلبته منهم في سنة 1975، عليهم أن يمارسوا الضغط الملائم على نظام محمد السادس كي ينصف آلاف الجزائريين الذين تعرضوا للظلم على أيدي النظام المغربي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني. والمؤكد أن تحريك هذه الجمعيات وفي هذا الظرف بالذات ليس له علاقة مع ما يسميه المغاربة حق قديم يريدون استعادته، بل يخضع لحسابات سياسية مفضوحة، فالنظام المغربي يقود حربا خفية ضد الجزائر، هي حرب تعتمد على الضغط والابتزاز والمساومة، وهو يدرك جيدا بأن أي مواجهة مفتوحة مع الجزائر لن تكون في صالحه، فنظام المخزن يسعى لكي تتراجع الجزائر عن مواقفها من القضية الصحراوية، ويريد صمتا من الجزائر حتى يمرر مخططه الهادف إلى ضم الصحراء الغربية بشكل نهائي تحت عنوان "الاستقلال الذاتي"، لكن تبقى هذه الممارسات مجرد "شطحات" لن تقدم ولن تؤخر وان المغاربة الذين تزج بهم المخابرات المغربية للتهديد والوعيد ليسوا إلا أدوات يستغلها نظام المخزن لخدمة طموحاته التوسعية في المنطقة.