شكل موضوع تجريم دفع الفدية وتصاعد عمليات اختطاف الأجانب، فضلا عن الجريمة المنظمة بمنطقة السحل جنوب الصحراء وتدفق السلاح الليبي على المنطقة، أهم محاور النقاش الذي تناوله اجتماع وزراء دول مجموعة (5+5) المنعقد بالعصمة الموريتانية نواكشوط والذي خصص لدراسة التحديات التي يمثلها النشاط الإرهابي والجريمة المنظمة على دول المنطقة. أثار المشاركون في اجتماع مجموعة ال 5+5 والذي ضم عن منطقة شمال إفريقيا كل من الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا والمغرب، وعن الجانب الأوربي، (البرتغال واسبانيا وفرنسا وايطاليا ومالطا)، الكثير من القضايا الحساسة المتعلقة بالأمن بمنطقة المتوسط وصولا إلى منطقة الساحل جنوب الصحراء، وحتى وإن كانت الموضوعات الأساسية التي برمجت لهذا اللقاء تنحصر في القضايا الأمنية المتعلقة خصوصا بالنشاط الإرهابي في المنطقة، والنفوذ الذي أصبح يمثله تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، خاصة بعد تصاعد وتيرة اختطاف الأجانب، يضاف إلى ذلك التهريب والجريمة العابرة للحدود، فإن قضايا أخرى لا تقل أهمية سيطرت بشكل واضح على مداخلات ممثلي الدول المشاركة، وعلى رأسها مسألة تجريم دفع الفدية للإرهابيين، والخطر الداهم لتهريب السلاح الليبي خارج الحدود. وظهر جليا الخلاف بين دول منطقة خصوصا الجزائر وموريتانيا من جهة والدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا من جهة أخرى فيما يتصل خصوصا بدفع الفدية لتحرير الرهائن، حيث ظهر جليا بأن الطرف الفرنسي بقي على نفس المواقف القديمة فيما يتعلق بالتعامل مع ظاهرة الاختطاف التي استهدفت في الآونة الأخيرة، وبشكل خاص رعايا فرنسيين، وقد اختار وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغي أن يسبق الافتتاح الرسمي للمؤتمر بالتأكيد على أن فرنسا ترى أن خيار الحوار والتفاوض مع الخاطفين يبقى الأمثل والأفضل في الوقت الراهن مستبعدا في ذات الوقت القيام بعمليات عسكرية خاطفة كالتي قامت بها فرنسا منتصف عام 2010 لتحرير رهينتها ميشيل جرمانو، والتي انتهت بمصرعه على يد خاطفيه،بعدما خسر الفرع المغاربي للقاعدة ستة من عناصره. هذا الموقف يعني صراحة بأن باريس لا تزال تؤمن بمبدأ عقد صفقات مع المجموعات المسلحة لتخليص رعاياها من بين أيدي خاطفيهم، ولا تزال تؤمن أيضا بأن الفدية تظل الخيار المناسب لمعالجة ظاهرة الاختطاف رغم أن العكس هو الحاصل، وهذا الأمر يتناقض مع الموقف الجزائر المعروف والذي يعتبر دفع الفدية شكلا من أشكال تمويل الإرهاب على اعتبار أن الأموال التي يتحصل عليها التنظيم الإرهابي من خطف الرهائن توجه لتمويل عمليات إرهابية جديدة، مما يضاعف من عمليات الاختطاف ولا يقضي عليها، وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه موريتانيا على لسان وزيرها للدفاع أحمد ولد الراظي الذي رافع للجهود التي بذلتها بلاده في التصدي للمجموعات الإرهابية وموقفها الرافض دفع الفدية الإرهابيين لتحرير المختطفين. ويعتبر موضوع السلاح الليبي أحد أهم المواضيع التي أثارها اجتماع مجموعة ال 5+5 ، ولقد صرح وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه، بأنه لا وجود لدى بلاده أي نية للتدخل في منطقة الساحل الإفريقي، معللا التدخل في ليبيا بصدور قرار أممي، مضيفا بأن الأمر في الساحل الإفريقي يختلف، فالمدنيون لا يتعرضون لهجوم مكثف، وبالتالي الأمر يتعلق فقط بالتعاون بين دول المنطقة، هذا التعاون تجسد قيادة الأركان المشتركة وفرنسا ترغب في استمرار هذا التعاون الأمني القائم، وصرح الوزير الفرنسي من جهة أخرى:»منذ زمن لم نتدخل في هذه المنطقة، ولن تدخل فيها بشكل مباشر، ولا نريد مسؤولية مباشرة في هذه المنطقة، لكن إذا كانت لدى هذه الدول رغبة في تقديم طلب محدد لنا في هذا الخصوص سندرس هذا الطلب، لكن نذكر أن دول الساحل دول مستقلة عليها مسؤولية ضبط أمنها، وعليه لا دخل لنا بما يحدث في هذه البلدان لا من حيث إعطاء الأوامر ولا تقديم النصائح، بل يمكننا التعاون«، مع هذا حرص الوزير الفرنسي على الجزم بوقوع السلاح الليبي بين أيدي الفرع المغاربي للقاعدة، وإن تنصل من مسؤولية فرنسا عن ذلك من خلال تكرار نفس أغنية »حماية المدنيين«. وفيما صرح وزير الدفاع الموريتاني بأن موضوع الأسلحة الليبية محل متابعة مكثفة من قبل أجهزة استخبارات المنطقة، وأنه من السابق لأوانه الحديث عنه بشكل دقيق قائلا علينا أن نواصل متابعتنا حتى نعرف أولا هل خرجت هذه الأسلحة أم لا، وهل وصلت إلى التنظيمات الإرهابية أم لا، وما هي نوعية هذه الأسلحة إن كانت بالفعل قد وصلت إلى تلك الشبكات الإرهابية، حاول وزير الدفاع الليبي يوسف أحمد المنقوش إيهام الجميع بأنه لا وجود لمشكل اسمه السلاح الليبي مؤكدا بأن هذا السلاح يوجد بين أيدي أمينة ويقصد من أسماهم ب »الثوار«، ونافيا من جهة أخرى أي وجود لعناصر إرهابية بليبيا، وهو ما يتناقض كليا مع الواقع ومع تقارير صدرت عن دول المنطقة وعن أجهزة استخبارات دول غربية معروفة وعلى رأسها فرنسا، ثم إن القيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والمسؤول السابق لإمارة الصحراء في التنظيم المذكور، مختار بلمختار المكنى بالأعور، اعترف صراحة بحصول الفرع المغاربي للقاعدة على أسلحة ليبية متطورة، كما كشف وزير دفاع نيجيريا عن تدمير الجيش في نيجيريا ما لا يقل عن 17 شاحنة كانت محملة بأسلحة ثقيلة جرى تهريبها من ليبيا لتكديسها بشمال البلاد الذي يعرف نشاطا مكثفا لجماعة »بوكو حرام« المرتبطة بالقاعدة.