أغلق وزير الدفاع الفرنسي الأسبق مرشح الرئاسيات الفرنسية المقبل جان بيار شوفنمان، أمس، الباب أمام مطالبة الجزائر بالاعتراف بالمجازر الفرنسية أثناء الاحتلال الفرنسي، حيث دعا إلى» تحريك الأمور«بين فرنسا و الجزائر »للتوجه سويا« نحو المستقبل، وقال »بدلا من البحث عن أسباب أحداث الماضي البعيد وعند الآخرين من الأجدر أن نخدم بلدينا بالتوجه سويا نحو المستقبل وأن نبحث عن الأمور الايجابية عند الآخر ويمكن استغلالها للمصلحة المشتركة«، معتبرا أن التمسك ب»الماضي الأليم« غير مجد. بيّن مرشح الرئاسيات الفرنسية القادمة المزمع تنظيمها في أفريل القادم ملامح برنامجه الانتخابي، حيث قال في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية »يجب تحريك الأمور بين فرنسا و الجزائر، إننا بلدان كبيران مطالبان بأن يكونا قادرين على تحمل الماضي بأكمله والتوجه سويا نحو المستقبل«، إلا أنه حاول استعطاف الشعب الجزائري حين أضاف أنه »يتفهم أثر الذاكرة الأليمة على الجزائريين، »إنها ذاكرة أليمة بالنسبة للجميع«، مؤكدا أنها تجد مصدرها في جوهر النظام الاستعماري ذاته و عيبه الأصلي اللذين أفسدا العلاقات بين بلدينا بشكل مستمر«. ورأى وزير الدفاع الفرنسي الأسبق أن »هناك مشاعر قوية تطبع العلاقات الفرنسية الجزائرية يبدو لي ايجابيا ويكون من المؤسف إهماله«، مبديا »التزامه المتعلق بالتوجه سويا نحو المستقبل والعمل على إقامة الصداقة والتعاون بين بلدينا اللذين يطلان على نفس البحر وتربطهما علاقات إنسانية متميزة«. واعتبر رئيس جمعية »فرنساالجزائر« أنه بإمكان الجزائر أن تساهم في إقامة هذا الصداقة »من خلال بعض القرارات الرمزية« دون أن يفصّل أكثر، وألح بالقول إنه »عمل ضروري ولامناص منه وصعب وإلا فإن الذاكرة الأليمة قد تستعمل وتنتج اليوم أيضا آثارا سياسية غير عقلانية من حيث مصالح الجزائروفرنسا على حد سواء«. وحسم شوفنمان نهائيا موقفه من مسألة الاعتذار والاعتراف التي تطالب الجزائر بتسويتهاحيث قال »بدلا من البحث عن أسباب أحداث الماضي البعيد و عند الآخرين من الأجدر أن نخدم بلدينا بالتوجه سويا نحو المستقبل وأن نبحث عن الأمور الايجابية عند الآخر ويمكن استغلالها للمصلحة المشتركة«، معتبرا أن التمسك ب»الماضي الأليم« غير مجد، مخاطبا الجزائريين باستفزاز »ذلك هو السبب الذي جعله يقبل ب»قلب كبير« في شهر جانفي الفارط تولي رئاسة جمعية فرنسا-الجزائر »للقضاء قدر الإمكان على الاستغلال السيئ لما سميتموه »الذاكرة الأليمة« وهذا في مصلحة البلدين«. وقال شوفنمان »إن مغزى الملتقى الذي ستنظمه يوم 17 ديسمبر الجمعية تحت عنوان »الجزائروفرنسا في القرن ال21« في ظل الفوضى الحالية يجب التوجه إلى تحقيق توافق سياسي واسع بين بلدينا«. ورد المترشح شوفنمان على سؤال حول الاعتراف الرسمي بمجازر 17 أكتوبر 1961 و البحث عن الحقيقة في حالة ما إذا وصل إلى قصر الاليزيه العام المقبل، قائلا إنه » قام عندما كان وزيرا للداخلية »بتحقيق حول هذه الأحداث«، قائلا إن »الطابع البارز لهذه التظاهرة في السياق السياسي لفترة -نهاية حرب الجزائر- يعطيها ثقلها ويبرر أنها يمكن أن تصبح رمزا لكفاح الجزائريين في فرنسا«. واعترف وزير الدفاع الفرنسي الأسبق أن »تعسف الرجال الذين قادوا هذا القمع يجعله أكثر بشاعة، وقد انضم العديد من الفرنسيين للجزائريين من أجل إحياء الذكرى، ولا يمكننا فصل هذا القمع المتفاوت عن جميع المجازر التي أحزنت هذه الفترة والتي كنت شاهدا عنها، إن الاعتراف المتبادل بهذه الأحداث سيريح الضمائر«. وحول ملف تنقل الأشخاص بين فرنساوالجزائر، قال شوفنمان إنه قام سنة 1999 عندما كان وزيرا للداخلية بمنح الحق في الإقامة الذي يسيره قانون »ريزيدا« وحق تنقل الأشخاص »الذي سهلته بشكل كبير«، مضيفا أن عدد التأشيرات الممنوحة من طرف فرنسا للجزائريين انتقل خلال ثلاث سنوات من 50 ألف إلى 250 ألف تأشيرة«، ليشير إلى »أن هذه السياسة قد شددت من طرف الحكومات التي توالت بعد سنة «2002، معتبرا في هذا السياق أن »تأشيرات حولت من أجل تغذية هجرة غير منتظمة«،واعتبر شوفنمان أن »الأجانب غير المقيمين مثل المقيمين عليهم احترام القانون الجمهوري«، مضيفا أن الجمهورية »يجب أن تبقى في الاستماع للتطورات التي غيرت مميزات الهجرة الجزائرية في فرنسا«. وحاول شوفنمان كسب ود الجالية الجزائرية حين قال »أعلم أن التشريع الأوروبي يهدف إلى تفضيل المهاجرين القادمين من الشرق عن القادمين من الجنوب، وهذا ليس مطابقا لتقاليدنا ولا لتاريخنا، لقد تدخلت لدى وزير الداخلية الحالي و سأتحرك غدا لكي يتحسن هذا الوضع، يجب على فرنسا أن تبقى متوجهة نحو حوض المتوسط مثلما هي متوجهة نحو القارة الأوروبية«، مؤكدا إنه لا يتقاسم توجهات الحكومة الحالية بخصوص تشديد للقواعد المطبقة على الطلبة الأجانب المهددين بالطرد في ختام دراستهم «، مضيفا أن »الطلبة الجزائيين لديهم واجبات نحو بلدهم ولكن لا يجب على فرنسا أن تختفي بنفاق وراء ضرورة عدم حرمان بلدان الجنوب من نخبتهم من أجل تشديد قوانين الإقامة«. ودعا شوفنمان إلى ضرورة »التركيز أكثر على تسهيلات التنقل » تأشيرات دخول متعددة« واستقبال الطلبة الذين يريدون العمل في فرنسا بسهولة أكبر، وسيكون هذا أيضا فرصة لهم من أجل التكون و الحصول على كفاءات تستفيد منها الجزائر فيما بعد«، قائلا »من جهتي أنا مرتاح لمساهمة الجزائريين ومزدوجي الجنسية في بناء الهوية الأورو-متوسطية التي تعتبر عنصرا أساسيا لمستقبل متقاسم«.