أعلنت القوات الأمريكية أنها أنهت رسميا انسحابها من العراق بعد أن عبرت آخر قافلة من الجنود الأمريكيين الحدود من العراق إلى الكويت أمس بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي أودى بحياة نحو 4500 أمريكي وعشرات الآلاف من العراقيين. وغادر آخر طابور مؤلف من نحو 100 مدرعة عسكرية أمريكية -تقل 500 جندي أمريكي من اللواء الثالث من فرقة سلاح الفرسان الأولى- صحراء العراق الجنوبية خلال الليل على امتداد طريق رئيسي خال إلى الحدود الكويتية. وبدأت آخر الآليات الأمريكية اجتياز المعبر الحدودي العراقي الكويتي عند الساعة 07:30 بالتوقيت المحلي وسط تصفيق وصيحات أفراد الجيش الأمريكي. وقال الجندي مارتن لمب لدى وصوله إلى المعبر الحدودي »إنها لحظة تاريخية«، في حين رأى زميله جوزف الذي فضل عدم الكشف عن اسم عائلته أن »العراقيين سيستفيقون اليوم ولن نكون نحن هناك«. وسيبقى في العراق 157 جنديا أمريكيا يساعدون على تدريب القوات العراقية ويعملون تحت سلطة وإشراف السفارة الأمريكية، إضافة إلى فرقة صغيرة من المارينز مكلفة بحماية بعثة بلادها الدبلوماسية. وأعلن العراق أنه تسلم يوم الجمعة الماضي آخر قاعدة عسكرية أمريكية في البلاد، في احتفال أقيم بالقرب من مدينة الناصرية جنوبي البلاد، في إطار عملية الانسحاب الأمريكي الكامل، التي يفترض أن تكون اكتملت بهذه العملية. وتقع قاعدة »الإمام علي« جنوب غرب مدينة الناصرية، وتم تسليمها رسميا إلى حسين الأسدي ممثل رئيس الوزراء العراقي. ويأتي هذا الانسحاب بعد حوالي ثماني سنوات وتسعة أشهر من عبور القوات الأمريكية للحدود ذاتها في الاتجاه المعاكس في بداية الغزو الذي أطلق عليه »عملية تحرير العراق«. وبدأت هذه العملية بقصف بغداد ثم تحولت إلى نزاع طويل قتل فيه عشرات الآلاف، وأطاحت بنظام الرئيس العراقي حينها صدام حسين. وبعد أن بلغ عدد الجنود الأمريكيين ذروته عام 2007 بانتشار 170 ألف جندي لاستتباب الأمن ومواجهة العمليات المسلحة، بقي حوالي 50 ألفا منهم لدى انتهاء العمليات القتالية في أوت 2010. وجاء الانسحاب الأمريكي تطبيقا لاتفاقية أمنية وقعت عام 2008 بين بغداد وواشنطن، علما أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد في أكتوبر الماضي الانسحاب الكامل إثر رفض العراق منح آلاف الجنود الأمريكيين حصانة قانونية. وبالنسبة لأوباما فإن هذا الانسحاب هو تحقيق لوعد انتخابي بإعادة الجنود إلى بلادهم من صراع ورثه من سلفه ولطخ صورة الولاياتالمتحدة في كل أنحاء العالم. وفي الجهة المقابلة، يرى كثير من العراقيين أن هذا الانسحاب يحقق إحساسا بالسيادة، رغم تخوف البعض منهم من احتمال انزلاق بلدهم من جديد في دوامة العنف التي اتخذت صبغة طائفية وبلغت مداها خلال عامي 2006 و2007. وتترك القوات الأمريكية العراق بعد ساعات من انزلاق البلاد نحو أزمة سياسية جديدة تمثلت في تعليق قائمة »العراقية« التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي والمنافس السياسي الأبرز لرئيس الوزراء نوري المالكي، مشاركتها في جلسات البرلمان بدءا من السبت الماضي اعتراضا على »التهميش«. وعلى صعيد متصل، طلب المالكي من البرلمان سحب الثقة من نائبه صالح المطلك بحجة أنه لم يعد أهلا لمنصبه، في وقت قرر فيه مجلس القضاء الأعلى في العراق تأجيل الكشف عما قال إنها معلومات تثبت تورط مسؤول كبير بالدولة في ما سماها عمليات إرهابية.