قرّرت خمسة أحزاب سياسية فشلت جميعها في تحقيق أهدافها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة عقد اجتماع تنسيقي مساء اليوم من أجل مناقشة آليات التعاطي مع النتائج التي أفرزها اقتراع الخميس الماضي. ومن بين البدائل التي يتمّ تداولها إمكانية الانسحاب الجماعي من التمثيل في المجلس الشعبي الوطني المقبل في خطوة تريد من خلالها الضغط على الحكومة وتشكيل »جبهة موحدة ضد التزوير«. اجتمع أمس ممثلو 5 أحزاب شاركت في الانتخابات التشريعية الأخيرة في لقاء تحضيري وُصف ب »غير الرسمي« من أجل ضبط جدول أعمال أوّل اجتماع تنسيقي مقرّر مساء اليوم بين قيادات هذه التشكيلات في مكان لم يتم تحديده إلى غاية كتابة هذه الأسطر بحسب ما استفادت منه »صوت الأحرار« من منسق مبادرة »تكتل الجزائر الخضراء«، عز الدين جرافة، ويُنتظر أن يضمّ إلى جانب قادة التكتل كل من رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، ورئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، إلى جانب الأمين العام لحزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبيش، ورئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة. وأفاد جرافة أن كل الاحتمالات مطروحة خلال لقاء اليوم الذي سيركز على مسألتين وهما توحيد الموقف حيال »عدم الاعتراف بالنتائج التي أعلنت عنها الإدارة« بالإضافة إلى دراسة خيارات أخرى من ضمنها »الانسحاب الجماعي من البرلمان المقبل«، ورفض محدّثنا أن يكون هذا التنسيق الجماعي بمثابة »تصعيد الموقف ضد السلطة« أو »تحريض على العصيان« وإنما اعتبر ذلك »ردّ فعل طبيعي على ما حصل من تجاوزات أضرّت بمصداقية العملية الانتخابية«. واستنادا إلى ما جاء على لسان منسق مبادرة »تكتل الجزائر الخضراء« فإنه من غير المستبعد أن تعرف الأيام القليلة المقبلة انضمام مزيد من التشكيلات الحزبية التي شاركت في التشريعيات الأخيرة ورفضت نتائجها، وخصّ بالذكر كلا من جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال، مضيفا أن هذا الحزبين أبديا موافقتهما المبدئية من أجل تزكية مساعي تشكيل »جبهة موحدة ضد التزوير«، وأشار إلى أن الانشغال في رفع الطعون عقب ترسيم المجلس الدستوري للنتائج النهائية حال دون حضور قيادتي التشكيليتين لاجتماع اليوم. تأتي كل هذه التطوّرات في وقت تتجه فيه الأنظار إلى أكبر التيارات التي خسرت الرهان في اقتراع العاشر من شهر ماي الجاري، ويتعلق الأمر بما يسمى »تكتل الجزائر الخضراء« الذي خرج من الباب الضيّق بعجزه عن الحصول على نفس المقاعد التي حازت عليها حركة مجتمع السلم منفردة في تشريعيات 2007، وهو ما ينطبق تماما على أحزاب التيار الإسلامي عموما مثلما هو الشأن بالنسبة إلى جبهة العدالة والتنمية بقيادة عبد الله جاب الله الذي كان مرشحا ليكون ممثلا بقوة في البرلمان المقبل، وكذا جبهة التغيير التي شقت قياداتها عصا الطاعة عن »حمس«. ويتزامن هذا الحراك الحزبي مع محاولات البعض التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية لكن من دون تقديم دليل مادي واحد يُثبت حدوث تلاعب في النتائج النهائية خاصة وأن ما يزيد عن 12 مليون جزائري امتنعوا عن التصويت مع إلغاء 1 مليون و704 ألف ورقة. وفي حين كان من المفترض أن تراجع الأحزاب الخاسرة أوراقها وتبحث عن تبرير موضوعي لنكستها وخاصة منها المحسوبة عن »التيار الإسلامي« لم تجد أي خيار آخر تواجه به غضب قواعدها سوى التلويح بالانسحاب من عضوية المجلس الشعبي الوطني. ويرى مراقبون في مبادرة »جبهة ضد التغيير« على أنها محاولة من طرف عدد من الأحزاب إبعاد الأنظار عن حالة التململ التي تعرفها داخليا نحو الحديث عن وجود تزوير وتجاوزات في الاقتراع الأخير، وبحسب قراءات متابعين للشأن الوطني فإن رهان الاستقالة من البرلمان المقبل سيكون خاسرا على طول الخط ومن شأنه أن يزيد من حدّة الانقسام الداخلي، ومن المرتقب أن تحمل الأيام القليلة المقبلة الكثير من المفاجآت مع احتمال كبير لسقوط بعض الرؤوس.