أيام قليلة فقط بعد التصريحات النارية التي أطلقها عبد الرزاق مقري حول نتائج الانتخابات والحديث عن انتقال حركة مجتمع السلم إلى المعارضة جاء وزير التجارة مصطفى بن بادة ليقول إن مقري لا يمثل إلا نفسه، وأن الحركة لم تتخذ أي قرار في هذا الشأن لأن ذلك يتطلب عقد مؤتمر وليس مجرد اجتماع طارئ للمجلس الشوري، وأكثر من هذا يسفه بن بادة بوضوح خيار المعارضة لأنه من غير الممكن التحول إلى معارضة برنامج دعمته الحركة لمدة فاقت ثلاثة عشر عاما. ليست هذه المرة الأولى التي يتحول فيها قادة حمس إلى ناطقين باسمهم الشخصي، وقد سبق لنائب رئيس الحركة عبد الرزاق مقري أن سمع كلاما مثل هذا تعليقا على تصريحات أخرى لمقري حملت دعوات إلى الانسحاب من التحالف الرئاسي أو ردودا على تصريحات لقادة الأحزاب الأخرى، وفي كل مرة كانت الحركة تجد من يتبرأ من تصريحات مسؤوليها ويعيدها إلى مكانها الذي ألفته في محيط السلطة. أهم ما قاله بن بادة في تفسيره لقرار المجلس الشوري للحركة هو أن هذه الهيئة اتخذت قرارا هو احتجاج سياسي على مجريات انتخابات أغضبتنا وأغضبت قواعدنا، ومن الواضح أن الأمر ينتهي هنا، التعبير عن الاحتجاج السياسي، والاحتجاج هدفه إرضاء القواعد الغاضبة، وحتى الحديث عن عدم المشاركة في الحكومة المقبلة أصبح نكتة، فبن بادة يقول إن مصلحة الناخبين الذين صوتوا لصالح عمر غول هي في أن يكون في الحكومة وليس في البرلمان، وهذا يعني أن قرار عدم المشاركة في الحكومة لن ينفذ في النهاية لأن منطق خدمة الجزائر يحتم على حمس البقاء في حواشي السلطة وليس بعيدا عنها، ومن اعتبر السكوت عن تزوير الانتخابات مشاركة في إنقاذ البلاد لن يجد صعوبة في البقاء في الحكومة لمواصلة تقديم الخدمات الجليلة للبلاد. أصبح من الصعب اليوم توقع الخطوة المقبلة لحمس، لكن المؤكد أن المعارضة ليست الميدان الذي تفضله هذه الحركة التي اختارت بشكل نهائي أن تكون قريبة من السلطة على أن تمارس العمل السياسي الحقيقي على الأرض.