اليوم الوطني للصحافة: أدوار جديدة للإعلام الوطني في ظل ترسانة قانونية قوية    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بمنطقتي الشيظمية وروس السبطي    الرئيس يستقبل السفير الأممي بالجزائر    أساتذة وطلبة يُثمّنون التدابير الرئاسية    بخوش يرافع لمشروع قانون المالية 2025    تنسيق بين البورصتين الجزائرية والتونسية    الشروع في معالجة طلبات تحويل الامتياز إلى تنازل    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة    انطلاق الدورات التكوينية عن بُعد    أهوال في غزّة    الأمين العام للأمم المتحدة يدين استمرار الخسائر في الأرواح في غزة ويدعو لحماية المدنيين    فلسطين: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة    وزارة السكن تقاضي المُتسبّبين    مُستعدّون للتحرّك من أجل تسقيف الأسعار    السنوار منع أطفاله من التكنولوجيا    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    انطلاق حلقات تحفيظ القرآن    رفع دعوى قضائية ضد المتسببين في انهيار عمارة ببشار    تحرّك دولي لوقف نهب ثروات الشعب الصحراوي    أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    يجب احترام قرارات محكمة العدل الأوروبية    صادي وأعضاء "لوناف" يجتمعون بموتسيبي    بيدرو دياز مدرب إيمان خليف حتى 2028    انتصار صعب على "الباك" وتألق القائد ذيب    تصدير زيت الزيتون الجزائري إلى كوبا وفنزويلا قريبا    اللقاء التشاوري الثلاثي يملأ فراغ تجميد العمل المغاربي    دعوة إلى تقنين التعليم الإلكتروني وتوفير البنية التحتية له    ترقية علاقات التعاون في المجالات الاقتصادية    تشديد الرقابة على المذابح    إنقاذ 3 متسممين بالغاز    قطار يدهس شابا    كشف 18 قنطارا من التوابل الفاسدة    تسليم 25830 بطاقة شفاء للطلبة الجامعيين    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    .. الكثير من الحُبّ والحياة    ألف مشارك في أهم عمل يحتفي بثورة الجزائر    مختصون في الصحة: الدولة حريصة على تفعيل سياستها الوقائية    تجميد قرار إقصاء الأطباء المستقيلين من مسابقة التخصّص    مخطط وقائي استباقي للتصدي للكوليرا بالجنوب    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    الجزائر شريك "مميز وضروري وأساسي" للاتحاد الأوروبي    قيمة الاستثمارات الجارية للخزينة العمومية تقارب 5970 مليار دج    لعزيز فايد : "بورصة الجزائر لم يتم استغلال إمكاناتها بالشكل المناسب"    وزارة الصناعة والانتاج الصيدلاني: اتخاذ عدة اجراءات لضمان وفرة أدوية مرضى السرطان    سرطان الثدي: برنامج تحسيسي بالمركز الاستشفائي الجامعي بني مسوس    فتح باب الترشح أمام الجمعيات للاستفادة من دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    عميد جامع الجزائر يشرف على انطلاق حلقات تحفيظ القرآن لطلبة المدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية    انطلاق التصفيات المحلية    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    رقم مميّز للخضر    أعلى لاعبي كرة القدم أجرا في العالم    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل مغربية
نشر في صوت الأحرار يوم 25 - 05 - 2012

أكتب خيوط هذا الأسبوع وأنا في المغرب، حيث نزلت في الدار البيضاء ومنها إلى طنجة والعرائش ثم مكناس ومراكش فأغادير حيث حللتُ ضيفا على رابطة أدباء الجنوب للمشاركة في ملتقى الرواية العربية، ولأن رأسي في رأسي وأعصابي في أعصابي هذه اللحظة فسأترك الحديث عن الأمور الكبيرة حتى لا أشوّش على صفاء اللحظة، وأتحدث عن التفاصيل الصغيرة الموجودة هنا والمفقودة في بلادنا، قولوا عني ما شئتم، فسأقول ما يلي: صحيح أننا أكبرُ من المغرب مساحة فنحن الأوائل إفريقيا بعد تقسيم السودان المسكين، وأكثر منه سكّانا وإن كنا لا نبتعد عنه كثيرا، والأغنى اقتصاديا حتى أن صندوق النقد الدولي بدأ يلتفت إلينا معيرين بعد أن كنا نلتفت إليه مستعرين، والأقوى عسكريا إذ يتفوّق ترتيبنا عربيا وإفريقيا على المملكة، لكنها أفضل منا في التفاصيل الصغيرة للحياة.
دعونا من الفقر الذي يمكن أن نرصد تجلياته في كل مكان من المملكة من خلال بعض النماذج البشرية، على الأقل في المدن التي زرتها، وهي تجليات لا نسلم منها نحن أيضا، وتعالوا نتحدث عن شروط الراحة الإنسانية، والتي تتوفر لك بمجرد أن تنزل في المطار، في الدار البيضاءِ القطارُ تحت المطار مباشرة، لا تتعب أبدا في الوصول إلى قلب المدينة أو أحد أطرافها، وإن فاتك أن تأكل أو تشرب في أحد محلات المطار الكثيرة جدا يمكنك أن تعوض في القطار الذي تنسى معه سوّاق الأجرة في مطار الجزائر العاصمة، والذين يسلخون جيبك سلخا في الليل أو في النهار، كما أنك لا تتعب في العثور على فندق من النجمة الواحدة إلى النحمة الخامسة، وهي فنادقُ تختلف في عدد النجوم لكنها تشترك جميعا في حسن الخدمة والاستقبال، ليس هناك أي تكشير أو تنفير أو نفور، أو تضييق أو مراقبة خارج دواعي السلامة.. سلامتك.
الأكل فعلُ متعةٍ قبل أن يكون حاجة بيولوجية، وفي المغرب، على الأقل في المدن التي أتيح لي أن أزورها يصبح الأكل متعتين، متعة الفعل، ومتعة الجو، طلبت بطاطا مقلية؟، ستأكل بطاطا مقلية فعلا، تماما كما تشتهيها نفسك، من غير أية مضاعفات صحية لأن الغش في جلبها وإعدادها وتقديمها منعدم، هل نمرض من أكلة إلا إذا كانت مغشوشة؟، والحديث قياس على كل الأطباق، التي تختلف أسعارها حسب الأماكن، وتتشابه النزاهة في طبخها، حتى أنك لا تضطر هنا إلى أن تطلب أن يزيدوك لأنك لم تشبع، ستأتيك عفويا الكمية الكافية لأنْ تشبع، لا بخل ولا إسراف.
وكذلك الشرب، الشرب حضارة بغض النظر عن طبيعة المشروب، وفي المغرب، على الأقل في الفضاءات التي زرتها، تحس بأنك شربت فعلا، طلبت شايا؟، استعدّ إذن لأن تتذوق الشاي كمّا ونوعا، هنا لا يقدمون لك كأس شاي بل إبريقا، وحين تراعي أناقة تقديمه فستتضاعف متعتك، والحديث قياس على باقي الأشربة.
المدينة ليست كهفا يغمض جفونه باكرا، المدينة اجتماع مفتوح، وفي المغرب على الأقل في المدن التي زرتها يمكنك أن تأكل أو تشرب أو ترقص أو تصلي أو تتصعلك أو تفعلها جميعا من غير أي إحراج في أي وقت من أوقات الليل أو النهار، فقط كن في مستوى الأوقات، وطبعا ذلك لا يتأتى إلا بتكامل القطاعات، وهذا هو الموجود في المغرب، قطاع النقل تماما مثل القطاعات كالأمن والسياحة لا ينام، إذا نام قطاع وقع الانقطاع.
ما أجمل أن تطلب من أحد السكّان المحليين أن يلتقط لك صورة، أو يساعدك على تعبئة البورطابل من غير أن يتبادر إلى ذهنك أنه قد يفر بالآلة، أغلب الظن أنه محتاج، لكن من المستبعد أن يفعلها إما نبلا وإما خوفا من صرامة المتابعات، الضيف مقدس في المغرب، على الأقل في المدن التي زرتها، لذلك يغير كثير من الضيوف مواعيد المغادرة المضبوطة سلفا، الإنسان ميّال بالفطرة إلى حب الاعتناء به.
في هذه اللحظة بالذات: صديقي الروائي الليبي محمد الأصفر يوغل في السؤال عن أحوال الجزائر، هذا الرجل يحبنا، ومغني الفضاء الذي كنا فيه يوغل في إكرام وردة الجزائرية ربي يرحمها من خلال ترديد بعض أغانيها، والنادل يوغل في العناية بي بعد علمه بكوني جزائريا، منذ أن نزلت في مطار الدار البيضاء وأنا أسمع عبارات الإشادة بالجزائريين، في طريقي من كازا إلى طنجة عبر حافلة الساتيام سألت شابا موريطانيا عن اسم المدينة الموالية فقال لي: أنت جزائري؟، قلت: نعم، فصاح حتى التفت كل من في الحافلة: يا مرحبا، يا مرحبا بالرجال، وراح يحدثني عن دراسته في بلادنا على مدار خمس سنوات.
ونحن نحب أنفسنا
فلماذا لا نهتم بتفاصيل الحياة اليومية؟، الحكومة مسؤولة عن تعبيد الطريق، وتنظيف الرصيف، لكنها ليست مسؤولة عن تعليمنا كيف نمشي هنا وهناك.. هاك.. هاك: يا جدّك.. مالغري صا.. توحشتْ لبلادْ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.