الفنان الملحن والكاتب شريف قرطبي يصنف ضمن صانعي الموسيقى في الجزائر قبل وبعد الاستقلال، ولازال إلى غاية اليوم يقدم ما اكتسبه من خبرات للشباب أينما التقى بهم في الأيام الثقافية، المهرجانات وحتى من يقصده إلى البيت.. حل بحر الأسبوع الماضي بعاصمة الهضاب العليا ملبيا بذلك دعوة المشاركة كرئيس اللجنة المشرفة على فعاليات المهرجان الوطني للأغنية السطايفية، كانت لنا فرصة محاورته والوقوف عند تعليقاته المتعلقة بالمهرجان ومعرفة رأي هذا الرمز الثقافي ومواقفه حول الساحة الثقافية والفنية في الجزائر . حاوره بسطيف /أمين حداد * كيف تقيمون مهرجان الأغنية السطايفية في طبعته الأولى؟ بعيد عن المجاملة أقول بأن سطيف مدينة الثقافة بأرمدة شعرائها وفنانيها ومثقفيها والحركة الثقافية اللامتناهية لخير دليل على ذلك أما المهرجان فأعتبره ناجح كونه في طبعته الأولى من جهة ونظرا لعدد المشاركين فيه من جهة أخرى، فهو لبنة لطبعات أخرى مستقبلية لذلك نحن نبارك دوما المبادرات في هذا المستوى، و اليوم رغم السن والمسافة إلا أنني لم أتوانى في الحضور والمشاركة لموني كلي إيمان بما تفعله هته الولاية خاصة مثقفيها والجمهور المتعطش للثقافة ، أما التنظيم من جهته كان محكما و لاحظنا أن المهرجانات المقامة في مدينة سطيف تتحسن من مهرجان إلى آخر ، وأنا أسعد جدا لما أتلقى الدعوة من هذه المدينة المضيافة. *كيف وجدتم شباب الجيل الجديد في تأديته للأغاني التراث السطايفي ما سجلته في هذا المهرجان أن الشباب بدأ يعرف ويستوعب ما يجب عليه فعله محافظة على التراث الوطني وهم في تطور ملحوظ سنة بعد أخرى إلا أنني أدعوهم للتخلي على كلمات الرداءة التي انقضت على الأغنية السطايفية المعروفة ببعد معانيها وقوة صورها خاصة تلك التي تناولت ثورة التحرير المجيدة، وما فتأت اليوم تلك الكلمات الجرثومية تحط من قيمة هذا النوع الذي أعتبره من رموز الشعب برمته لذلك أقول أن لا بد للجميع أن يحارب تلك الكلمات ومن ورائها لاسترجاع أصالة هذا الطبع لذلك أعتقد أن المهرجان جاء في الوقت المناسب قد نقول من أجل إنقاذ الإرث الثقافي الذي هو دين علينا جميعا المحافظة عليه،كما أدعو هؤلاء الشباب إلى الرجوع إلى قدوة هذا الغناء من باقة الفنانين المشهورين به. * كيف تقيمون الأصوات التي استمعتم إليها؟ لا حظنا أن الأصوات كانت متقاربة جدا وكان من الصعب بمكان التفريق بينهم فكان لهم نفس الإيقاع، نفس اللحن،أما فيما يخص فارس المهرجان فقد كان يعزف على آلته القيتار بمهارة عالية بالرغم من أنه هاوي وقليل الخبرة هذا من جهة ومن جهة أخرى لاحظنا إبداعه إذ استطاع أن يمزج الأصالة بالعصرنة كل ذلك بطراز السطايفي وخرج من التقليد و المألوف. *لو عدنا إلى الساحة الثقافية في الجزائر عموما، ما تعليقكم؟ الثقافة في الجزائر، لدي آمال كبيرة في التطور، أنا لست راض ولست بالعكس، فهناك خلل أعتقد أنه يكمن في الشباب المغنين الذين يذهبون نحو الأغنية الخفيفة بدل البحث والتنقيب ومنه الإبداع وإهمال الكلمة والمعنى الذي هو سر روح الأغنية، فهمه الوحيد أصبح المادة وبذلك يموتون هم ثم تموت الثقافة، ومنه التأثير على الساحة الثقافية بشكل عام، أنا جد متفائل لكون الرجال لايزالون موجودين، صحيح هم قلائل وغير معلنين لكن إنهم هنا ومعنا فما علينا سوى اكتشافهم. * ما تعليقكم حول الأكاديميات الموسيقية، وهل تخدم في رأيكم الفن الجزائري؟ ما وصلنا إليه اليوم من انحدار ثقافي جعل الأجانب عن الثقافة وأقول هم البارونات و أصحاب المآرب التجارية الذين سيطروا على الفن في الجزائر وغيروا منحاه المنوط به في خدمة الوطن، كل ذلك جعلهم يفرضون منطقهم وينشؤون الأكاديميات ليس فقط في الجزائر بل حتى العربية،فأعتقد أنهم استوردوا نسخ طبق الأصل لما يعرض في الدول التي تحتقر عاداتنا ولا تحترم توارثنا ولا حتى فنانينا. الخلل يكمن فينا نحن الفنانين، ثم القائمين على هذا الميدان بالدرجة الثانية، نحن لأننا غائبين بل قد أقول بأنني مغيبين، نظرا إلى العديد من العوامل التي يعاني منها الفنان كل يوم، صحيح أننا لا نمتلك بعد قانون منظم وواضح لعملنا صحيح الفنان لا يختلف كثيرا على الفقير إلى أنني أعتبر أن للفنان رسالة لا بد له أن يؤديها وينصرف لتحسب له طوال حياته وحتى بعد موته، أما اللفيف الآخر من الفنانين الذي صمدوا فقد اختار الكثير منهم الإنصياغ إلى مراد الأغنية الخفيفة التي تسهلك في الحين نظرا لضر وفهم الاجتماعية الصعبة. * كيف يمكن إنقاذ الثقافة الجزائرية حسبكم إن أفضل حل يكمن في التوحد وأن ينطق جميع الفنانين بالكلمة الواحدة"لننقض ثقافة بلادنا"، عندها فقط سيستمع لنا الغير ويرى من عين الجد إلى هذا الوضع، كما أن الدور الذي يرجى من القائمين على الحياة الثقافية في البلاد لو أحسنوا لعبه أكيد سنحصل على نتيجة، لا يهم أن يستغرق ذلك سنة أو عشرون سنة بل النهوض بالثقافة في الجزائر وإرجاعها إلى المحافل الدولية هو الأهم بل واجب كل واحد منا. *أين أنتم سيدي من كل هذا؟ أنا موجود دائما ورغم أنني متقدم في السن وما أعانيه من مرض ، إلا أنني هنا أنا مستعد لدفع كل ما أملك خدمة للوطن الحبيب، وأغتنم هذا المنبر لأدعو جميع إخواتي الفنانين إلى ضرورة أخذ هذا الانشغال محمل الجد. * هل لنا أن نعرف أخر أعمالكم؟ أنا بصدد التحضير لاستعراض غنائي مع الشاعر مصطفى تومي،هذا الاستعراض سيكون على شكل قصة تروي أحداث شاب توفي في حادث وله خطيبته حيث تقوم هته الأخيرة بالحديث مع الفنانين الذين يؤدون معها الاستعراض وتسألهم كيف ذلك يقع لها وفي هذا الوقت أي قبل زفافها بقليل وكل يجيبها بطريقته، فيها باقة من ألمع الفنانين الجزائريين منهم ناديا بن يوسف، حسيبة عمروش، بالإضافة إلى مجموعة صوتية، وشخصية الشيخ المرحوم الهاشمي قروابي إلا أنني لم أجد من أضعه في مكانه لذلك تعطلنا بعض الشيء في الإنجاز. *ما مستقبل الثقافة في الجزائر حسبكم؟ صراحة أنا متفائل لمستقبل الثقافي في بلادي، بشبابها القادمون الذين بفضلهم ستعود الثقافة في البلاد كما كانت عليه سابقا بل أفضل، أنظر إلى هؤلاء الوجوه ترى فيها حب الوطن فهذا ماكان ينقص قبل حين أبناء الجزائر،لكن الحمد لله نرى التحسن من يوم إلى آخر. *ما هي الرسالة التي توجهونها ولمن؟ أوجه رسالتي للشباب، ثم الشباب أنتم مستقبل الجزائر، كل شيء سيصبح من مسؤولياتكم فعليكم من الآن التفكير مليا في المستقبل الذي أناشدكم أن تضعوه في خدمة هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعا، العمل والعمل لا تتركوا ثقافة الغير تمحوا ثقافتكم فتذهب ريحكم لتصبحوا على مافعلتم نادمين.