باتت الحكومة الأردنية تجاهر بأنها تفكر في إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل في ضوء تصاعد العدوان على قطاع غزة، في وقت يؤكد سياسيون وإعلاميون أن هذه العلاقات أصبحت تمثل عبئا سياسيا وأمنيا على المملكة. وأكد رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي مساء الأحد أمام مجلس النواب أن الأردن لن يتواني عن "أي إجراء لتقييم العلاقات مع أي كان وخاصة إسرائيل وإعادة النظر فيها من منطق الحرص على خدمة مصلحة الوطن العليا". جاء هذا الموقف الحكومي في وقت كانت حناجر الآلاف من طلبة الجامعات الأردنية تهتف بالمطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل على أبواب مجلس النواب، كما أن غالبية نيابية طالبت بقرار فوري بقطع العلاقات مع إسرائيل، ويؤكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق في مجلس النواب محمد أبو هديب أن الأردن من الأساس كان يدرك خطورة نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقال أبو هديب إن قطع العلاقات الأردنية مع إسرائيل هو أحد الأسلحة التي يجب التعامل معها بذكاء سياسي، لافتا إلى أن مثل هذا القرار يحتاج لإسناد عربي عبر قرار من قمة عربية يحمي مواقف مصر والأردن اللتين تقيمان علاقات مع إسرائيل، ووفقا للمسؤول الأردني السابق فإن قرارا من هذا القبيل يقوم أولا على سحب المبادرة العربية للسلام كخطوة موحدة تسند موقف قطع العلاقات مع إسرائيل. وبيّن أبو هديب أن الأردن يدرك أن للحرب على غزة ما بعدها، لافتا إلى أن الأهداف الإسرائيلية المعلنة "غير حقيقية"، ومشيرا إلى أن "العدو الإسرائيلي يريد تحقيق هدف سياسي كبير وهو تكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة"، وأوضح كذلك أن الأردن الرسمي والشعبي "يأمل بأن لا تحقق إسرائيل نصرا في غزة"، ثم تابع "تحقيق النصر الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية في غزة لا قدر الله سيؤدي إلى تصدير المشكلة الفلسطينية إلى دول الجوار خاصة مصر والأردن". وواصل أبو هديب حديثه معتبرا أن "الإخوة في مصر لا يدركون على ما يبدو خطورة انكسار حركة حماس في قطاع غزة لأن إسرائيل ستلحق القطاع بمصر، وبالتالي سيواجه الأردن مشروع الوطن البديل عبر تصدير مشكلة الضفة الغربية إليه"، ولا يخفي النائب في البرلمان الأردني أن صمود المقاومة في غزة "سيغيّر معادلة التحالفات في المنطقة ويفشل مخططات الوطن البديل والتوطين التي يخشاها الأردن خاصة في ظل عدم إدراك قيادة السلطة في رام الله خطورة ما يجري". ولم تعد العلاقات الأردنية مع إسرائيل "عبئا سياسيا" يطارد أصحاب القرار بالبلاد فحسب، بل إن مقر السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية غرب العاصمة عمان تحول لعبء أمني واضح، وتحولت المنطقة والشوارع المحيطة بالسفارة إلى ما يشبه "المنطقة العسكرية المغلقة"، حيث رفعت قوات الأمن الأردنية درجة تأهبها ووجودها في محيط السفارة. ومنذ بدء العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقية وادي عربة عام 1994 لم تسمح الحكومة لأية مظاهرة أو اعتصام بالاقتراب من محيط السفارة. وقمع الأمن الأردني الجمعة الماضية مسيرة كانت متوجهة نحو السفارة في سياق الاحتجاجات الشعبية على العدوان. وخلال سنوات السلام بين عمان وتل أبيب حوكم العديد من الشبان أمام محكمة أمن الدولة بتهمة التخطيط لضرب السفارة الإسرائيلية بالأردن.