في قبو لا تتعدى مساحته الثلاثون مترا مربعة، اضطرت عائلة " بوبقيرة" أن تتخذ منه مأوى لها بعد أن ضربت توسلاتها وطلباتها العديدة للسلطات المعنية في سبيل الحصول على مسكن لائق، وانتشالها من هذه الوضعية عرض الحائط، ولم تلق جميع التقارير التي أعدتها اللجان المختصة والتي عاينت محل إقامتهم أذان صاغية لحد كتابة هذه الأسطر عندما قصدنا رب العائلة ليطرح علينا مشكله أو بالأحرى ماساته لم نكن لنتصور بان الوضع متأزم بالشكل الذي وقفنا عنده لدى زيارتنا لمقر سكناه الكائن ب 12 شارع مصطفى سرير - المدنية- حيث اطلعنا على معاناة حقيقة لا تتحملها النفوس البشرية ويصعب وصفها بمجرد كلمات،بداية من ضيق المسكن الذي يتألف من غرفة واحدة اضطر أفراد العائلة المتكونة من خمسة أفراد لان يتقاسموا زواياها مع جميع أمتعتهم، وبجوارها شيد مطبخ صغير لا يكاد يتسع لأكثر من شخص واحد، غير أن المشكل الذي ارق مضاجعهم هو التسربات الكبيرة لمياه الصرف من القناة الرئيسية التي تخص سكان إحدى العمارات المجاورة لهم، أين تتدفق مياهها مباشرة داخل الكوخ مما أدى الى تشكيل مجرى مائيا تحته حيث أصبح مصدر خطر كبير على قاطنيه لا سيما ولن مياهه تخترق المطبخ، وهو ما يؤكده أفراد الأسرة الذين أصيبوا بعدة أزمات صحية كان أخرها إصابة ابنها ذو الرابعة والعشرين عاما بمس بسبب هذه الكارثة الصحية اضطرت معها لإحضار احد الرقاة الشرعيين لمعالجته. وفي هذا الشأن عبر " سيد علي " رب الأسرة عن ماساته قائلا " لقد فقدت كرامتي في هذا الكوخ الذي قطنته منذ أكثر من خمسة عشر سنة مضطرا، حتى أبنائي سئموا من هذا الوضع لكن ليس باليد حيلة فانا عاطل عن العمل أضف الى ذلك فانا معاق بنسبة 60 بالمئة وكما ترون نحن نموت ببطء ننام مع الجرذان، وعلى صوت خرير مياه الصرف المتدفقة كالشلال التي تمر تحت بيتنا، ولا نستنشق سوى الروائح الكريهة المنبعثة من المياه القذرة المتسربة .... لقد راسلت السلطات المحلية في العديد من المرات والتي عاينت ما نعانيه حيث اكتفوا بإرسال طبيبة ومختصين في تحليل المياه، وفرقة للتنظيف التي زارتنا مرتين فقط والتي كان من المقرر أن تأتي مرتين كل أسبوع أين وضعت داخل المنزل دواء للقضاء على الجرذان، ومنذ ذلك الحين لم نرها، ومما يحز في نفسي يقول سيد علي لقد علمت بل كنت متأكدا من أنني كنت ضمن قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي التي تم توزيعها مؤخرا لكن لا اعلم لماذا تم شطب اسمي وإقصائي من قائمة المستفدين رغم أنني أودعت العشرات من الملفات وطلبات السكن منذ الثمانينات.... أنا أعيش ضغطا رهيبا بسبب هذا الوضع الذي وقفت عاجزا حياله لاسيما كلما رايت نظرات أبنائي ترمقني التي أصبحت تشفق علي وترثي لحالي قبل حالها، ولم أجد معها من سبيل سوى بعض الأبيات الشعرية التي انظمها بين الفينة والأخرى متنفسا ومبعثا للأمل، حيث أجدها اصدق تعبيرا عن حالي وحال الكثير من أمثالي.