يوم الخميس الماضي، حضرت المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه السيد محمد السعيد ترشحه لرئاسيات 2009 ، وقد قال في خطابه أنه فضل أن يخوض هذا السباق رغم درايته بعدم تكافئه، بدل غرس رأسه في رمال السلبيين ودعاة المقاطعة. وفعلا ، لقد كشف بعض دعاة المقاطعة ، عن سلبية مفرطة، تسيء إليهم كثيرا، حتى لو كانت المقاطعة مذهبا أو موقفا سياسيا تمليه طبيعة الديمقراطية والحق في الإختلاف. لكن عندما نقرأ بعض التصريحات لسكريتار الأفافاس التي لا تحث فقط على مقاطعة الرئاسيات ، إنما تحث أيضا على مقاطعة المترشحين للرئاسيات. أليس هذا موقفا سياسويا وشعبويا يفوق الشعبوية التي ظل حزبه يرفضها وينتقدها ويتهم الآخرين بممارستها ؟ عندما تسمع تصريحا كهذا، وتستمع لمحمد سعيد مثلا وهو يعلن ترشحه بقوله ما أشرت إليه، فإنك تدرك فعلا أن المقاطعة بطريقة الأفافاس هي موقف سلبي، ودس للرأس في الرمال. بإعلان محمد السعيد ترشحه، تكون الإنتخابات الرئاسية قد بدأت تنتعش ، وأن دائرة المقاطعة بدأت تضيق، فكلما تعدد المترشحون وتنوعت مشاربهم السياسية والإيديولودية كلما كان ذلك حافزا على توسيع قاعدة المشاركة في الإقتراع العام. وبناء على قراءة التصريحات التي تعج بها الساحة السياسية ندرك جديا أن إطلاق وصف الأرانب على عدد من " المترشحين " من قبل دعا المقاطعة على وجه الخصوص، لم يكن بنية حسنة، وإنما بنية الإساءة إليهم أو دفعهم على المقاطعة، وإذا صح هذا فمعناه أننا كإعلاميين وكتابا تجاوزنا مرة أخرى عشية الموعد الإنتخابي أدبيات العمل الإعلامي النزيه وأخلاقيات المهنة. وعليه ، ينبغي توليد مصطلحات ومفاهيم جديدة، رغم أنني شرحت في مقال سابق بجريدة صوت الأحرار في هذا الركن، كيف تمأسس مفهوم الأرنب في الفكر السياسي. الآن ومن باب الإنصاف بين مختلف المترشحين، ينبغي أن نقول أن هناك مترشح كبير ومترشح صغير، أي هناك فرسان ستتسابق، منها الفارس الكبير الذي تتوقع له نسبة كبيرة من المراهنين الفوز، وفارس صغير ، تراهن عليه أقلية. أما بخصوص الأرانب، واحتراما للملكية الفكرية، أقول أن السيد محمد السعيد، وهو الرجل الثاني في حركة الوفاء والعدل للدكتور أحمد طالب الإبراهيمي التي رفض اعتمادها، قد قال بعد انتهائه من تلاوة بيان ترشحه في سينما الموقار : " إنني من القراء الدائمين لجريدة صوت الأحرار، التي أحترم نزاهتها وهدوئها في معالجة القضايا، وإني من قراء عمودك " بدون ضجيج " ، وقد قرأت بإعجاب مقالك حول : الأرانب في الفكر السياسي ، وأرجو أن تميز مستقبلا بين نوعين من الأرانب : أرانب مدجنة، وأرانب برية " ، وأردف يقول : " أنا أرنب بري ". تصريح محمد السعيد لم يخرج عن الأرانب، وها نحن اليوم نخرج بالقراء تجاه مفاهيم جديدة : الفارس الكبير والفارس الصغير، فكل مترشح هو فارس، لأنه قد يصبح القاضي الأول في البلاد، حتى لو كانت حظوظ الفارس الكبير أكبر من الفارس الصغير أو الأرنب البري.