حذر صندوق النقد الدولي من تأثير استمرار تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري الذي قال أنه يواجه تحديات كبيرة مستقبلا، وعلى الرغم من أن التقرير أكد أن الوضع الاقتصادي للجزائر سيحافظ على استقراره على المدى المتوسط، غير أنه بالمقابل اعتبر أن الاحتياطات المالية للبلاد تعادل ما يكفي للاستيراد لمدة سنتين فقط، في ظل توقعات بتراجع محسوس في نسب النمو. قدم تقرير جديد أعده "الأفامي" حول الاقتصاد الجزائري مؤشرات وأرقام تنذر بأن السنوات القادمة ستكون سنوات عجاف بالنسبة لعجلة الاقتصاد الوطني في حال لم تسرع السلطات العمومية من وتيرة إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وخلق وظائف وقال صندوق النقد الدولي إن الجزائر نعمت بفوائض مالية كبيرة بفضل أسعار النفط المرتفعة في الفترة الماضية، لكنها ظلت تواجه مشاكل واضحة، على غرار ارتفاع البطالة بين الشباب والاعتماد الكبير للاقتصاد على المنتجات البترولية.وذلك إلى جانب تركيز بنية القطاع الخاص على السوق الداخلية وتراجع المناخ الاستثماري، مقارنة بالدول التي تربطها شراكات تجارية معها، وبالمقابل أشار التقرير إلى أن المشاكل الاقتصادية للجزائر باتت أوضح في الأشهر الأخيرة بسبب تراجع أسعار النفط والأزمة المالية العالمية، ما يوجب العمل السريع على إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وخلق وظائف، محذراً من احتمال تأثر البلاد بالركود العالمي إذا ما تفاقم الركود لدى شركائها في القطاع التجاري. وفي تقيمه الدوري للأوضاع الاقتصادية للجزائر، والمتزامن مع القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية في الآونة الأخيرة حول رفع أجور العمال ومسح ديون الفلاحين والزيادة في مختلف المنح الموجهة للفئات الهشة والمعوزة، حث صندوق النقد الدولي الجزائر على تنويع مصادر الدخل، في ظل توقعاته بتراجع الصادرات النفطية للجزائر وانخفاض عائداتها بسبب الأوضاع في أوروبا خلال 2009، ما سيدفع النمو للانخفاض إلى نحو 2.5 في المائة، في حين سيستقر التضخم دون حاجز أربعة في المائة.وذلك إلى جانب انقلاب وضع الحسابات العامة من فائض يعادل 20 في المائة في 2008 إلى عجز بحدود ثلاثة في المائة خلال السنة الجارية. كما حذّر من تأثير استمرار تراجع أسعار النفط على المالية العامة وبرنامج الاستثمار العمومي الجاري تطبيقه. وبحسب التقرير، فإن الجزائر تبدو معزولة عن الأزمة المالية العالمية نوعاً ما، وذلك بسبب سيطرة القطاع العام على النظام المالي والإدارة الحريصة للاحتياطيات الدولية في البلاد، لكنها وفي حال استمرار الانخفاض الحاصل في أسعار النفط أشار الأفامي أنه يوجد مجال أمام الجزائر لخفض أسعار الفائدة إذا اقتضت الضرورة للمساعدة في دعم الطلب المحلي. وقال صندوق النقد أن القطاعات بخلاف الطاقة تشكل أكثر من نصف الاقتصاد الجزائري ونمت بنسبة 6 بالمئة العام الماضي. ولاحظ الصندوق أن معدل التضخم في الاقتصاد الجزائري كان من أقل المعدلات في المنطقة، وذلك بفضل السياسة النقدية المعتمدة من طرف السلطات العمومية والتي أكد هذه الهيئة المالية العالمية المعروفة بتأثيرها في صناعة القرار عبر العالم أنها نجحت في استيعاب فائض السيولة الهيكلية للنظام المصرفي وإبقاء التضخم تحت السيطرة، كما أشار إلى أن نظام العملة المعمول به في القطاع المالي الجزائري لا يسبب مشكلات لحساب المعاملات الخارجية للبلاد.