قال تقرير أعده صندوق النقد الدولي بموجب ''مشاورات المادة الرابعة'' حول الاقتصاد الوطني إن الجزائر تمتعت بفوائض مالية كبيرة بفضل أسعار النفط المرتفعة في الفترة الماضية، لكنها ظلت تواجه مشاكل واضحة، على غرار مستوى البطالة فوق 11 بالمائة في أواسط المجتمع والاعتماد الكبير للاقتصاد على المنتجات البترولية، بالإضافة إلى تركيز بنية القطاع الخاص على السوق الداخلية وتراجع المناخ الاستثماري، مقارنة بالدول التي تربطها شراكات تجارية معها. ولفت التقرير إلى أن هذه المشاكل باتت أوضح مؤخرا، مع تراجع أسعار النفط بأكثر من 100 دولار عن المستويات المحققة في صائفة ,2008 فضلا عن تفاقم أثر الأزمة المالية العالمية ما يوجب العمل السريع على إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وخلق وظائف، محذرا في نفس الوقت من احتمال تأثر البلاد بالركود العالمي إذا ما تفاقم الركود لدى شركائها في القطاع التجاري، لاسيما بعد تراجع الميزان التجاري بنحو 75 في المائة. وبحسب التقرير، فإن الجزائر تبدو معزولة عن الأزمة المالية العالمية نوعاً ما، وذلك بسبب سيطرة القطاع العام على النظام المالي والإدارة الحريصة على الاحتياطيات الدولية في البلاد. غير أنه توقع تراجع الصادرات النفطية وانخفاض عائداتها بسبب الأوضاع في أوروبا خلال ,2009 ما سيدفع النمو للانخفاض إلى نحو 5ر2 في المائة، في حين سيستقر التضخم دون حاجز أربعة في المائة. وذلك إلى جانب انقلاب وضع الحسابات العامة من فائض يعادل 20 في المائة عام 2008 إلى عجز بحدود ثلاثة في المائة في .2009 ورغم إشارة التقرير إلى أن الوضع سيكون مستقراً على المدى المتوسط، باعتبار أن احتياطيات البلاد تعادل تكلفة الاستيراد لعامين، فإنه حذّر من تأثير استمرار تراجع أسعار النفط على المالية العامة وبرنامج الاستثمار العام الذي تنفذه البلاد. وحض التقرير الجزائري على ضرورة القيام بإصلاحات على مستوى مناخ الاستثمار في البلاد، وإن كان قد أشاد ببعض الإصلاحات التي جرت، مثل إعلان الجزائر نيتها ربط حركة الأجور بمستوى الإنتاجية. يذكر أن ''مشاورات المادة الرابعة'' التي جاء التقرير في سياقها تعتبر إحدى الطرق التي يمارس صندوق النقد الدولي من خلالها رقابته على الدول الأعضاء، وتتم مع ممثلين عن الدولة المعنية وبشكل دوري لمتابعة سياساتها الاقتصادية. ويقوم خلالها فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد المعني لجمع البيانات الاقتصادية والمالية، وتقييم مدى سلامة النظام المالي، ويقدم الفريق بعد ذلك تقريراً إلى المجلس التنفيذي ثم تحال آراؤه إلى حكومة البلد المعني.